وأما الاختلاف في انتهائه، قال ابن مسعود رضي الله عنه: يكبر في صلاة العصر من أول يوم النحر ويقطع فتكون الجملة عنده ثمان صلوات، وبقوله أخذ أبو حنيفة رحمه الله، وقال علي رضي الله عنه: يكبر في صلاة العصر من آخر أيام التشريق ويقطع، فتكون الجملة ثلاثاً وعشرون صلاة، وبه أخذ أبو يوسف، ومحمد رحمهما الله، وعن عمر رضي الله عنه روايتان، في رواية كما قال علي رضي الله عنه وفي رواية قال: يكبر إلى صلاة الظهر من آخر أيام التشريق وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: يكبر إلى صلاة الفجر من آخر أيام التشريق.
وقال زيد بن ثابت في رواية كما قال علي رضي الله عنه: وفي رواية قال: يكبر إلى صلاة الظهر من آخر أيام التشرق.
وللشافعي رحمه الله للقطع ثلاثة أقوال أيضاً قال في قول: يكبر إلى صلاة الفجر من آخر أيام التشريق، وقال في قول: يكبر إلى صلاة الظهر من آخر أيام التشريق، وقال في قول: يكبر إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق. نتكلم أولاً في ابتدائه حجة صغار الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين قول الله تعالى:{فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ ءابَآءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَآ ءاتِنَا فِى الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِى الاْخِرَةِ مِنْ خَلَقٍ}(البقرة: ٢٠٠) والفاء للتعقيب، والمراد به التكبير؛ لأنه لا يجب ذكر آخر عقيب قضاء المناسك إلا التكبير، وقضاء المناسك إنما يتم وقت الضحوة من يوم النحر فينبغي أن يكون التكبير عقيبه فيقع ابتداء التكبير من صلاة الظهر.
حجتنا قول الله تعالى:{وَاذْكُرُواْ اللَّهَ فِى أَيَّامٍ مَّعْدُودتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِى يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلآ إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}(البقرة: ٢٠٣) روي عن جماعة من الصحابة أن المراد به أيام العشر، ومنهم من قال: المراد منه يوم النحر ويومان بعده، فاتفقوا على أن يوم النحر مراد بظاهره يقتضي أنه كلما طلع الفجر من يوم النحر يكبر وعنده لا يكبر في صلاة الفجر، وحديث جابر، وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم على ما روينا دليل على صحة مذهبنا.
وروى أبو الطفيل عن علي، وعمار بن ياسر رضي الله عنهما «أنهما سمعا رسول الله عليه السلام يكبر في دبر الصلوات المكتوبات من صلاة الغداة يوم عرفة إلى صلاة العصر من أخر أيام التشريق حتى يسلم من المكتوبات» . أما الجواب عن التعليق بالآية
قلنا: أراد به ذكر الله تعالى في الأوقات كلها لا التكبير في أوقات مخصوصة ألا ترى أنه قال: {فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ ءابَآءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَآ ءاتِنَا فِى الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِى الاْخِرَةِ مِنْ خَلَقٍ}(البقرة: ٢٠٠) وهم كانوا يذكرون آبائهم في الأوقات كلها على سبيل التفاخر وأمرهم الله تعالى بذكره في الأوقات كلها مقام ذكر آبائهم.