كان الكل مقيمون؛ لأن المسافرين يصيرون مقيمين بالاقتداء وإن لم تقرأ الطائفة الثانية فيما يقصرون لم يجزئهم لأنهم مسبوقون، وإن اقتدى أحدهما بصاحبه فيما يقضي فسدت صلاة المقتدي، وصلاة الإمام تامة، وإذا سهى الإمام في صلاة الخوف وجب عليه سجدتا السهو.
ومن قاتل منهم في صلاته فسدت صلاته عندنا، ولو فعلوا كذلك وقال: لا تفسد صلاته وهو قول الشافعي رحمه الله، ولا يصلون وهم يقاتلون وإن ذهب الوقت لو فعلوا كذلك لا تجوز صلاتهم.
وكذلك من ركب منهم في صلاته عند انصرافه إلى وجه العدو فسدت صلاته، ولا يصلون جماعة ركباناً إلا أن يكون الإمام والمقتدي على دابة فيصح اقتداء المقتدي به، وروي عن محمد رحمه الله: أنه جوز لهم في الخوف أن يصلوا ركباناً بالجماعة وقال: أستحسن ذلك لينالوا فضيلة الجماعة.
عن محمد رحمه الله أنه قال: إذا كان الرجل في السفر فأمطرت السماء، فلم يجد مكاناً يابساً ينزل للصلاة، فإنه يقف على دابته مستقبل القبلة، فإنه يصلي مستدبر القبلة بالإيماء فعل هذا إذا كان يخاف النزول عن الدابة فيصلي بالإيماء إذا أمكنه إيقاف الدابة وإن لم يمكنه إيقاف الدابة، مستقبل القبلة فإنه يصلي راكباً مستقبل القبلة، بالإيماء إن أمكنه، وإن لم يمكنه صلى مستدبر القبلة، ثم إنما يجزئه ذلك إذا كانت الدابة تسير بسير نفسها، فأما إذا كان يسيرها صاحبها لا تجزئه، فإن كان ماشياً هارباً من العدو، فحضرت الصلاة، ولم يمكنه الوقوف ليصلي، فإنه لا يصلي ماشياً عندنا بل يؤخر.
وعند الشافعي يصلي في تلك الحالة بالإيماء ثم يعيد، وإن صلوا صلاة الخوف من غير أن يعاينوا العدو جازت صلاة الإمام، ولم تجز صلاة القوم إذا صلوها بصفة الذهاب والمجيء، ولو رأوا سواداً وظنوا أنهم العدو، فصلوا صلاة الخوف، فإن تبين أنه كان سواد العدو فقد ظهر أن سبب الترخيص كان متقرراً، فتجزئهم صلاتهم.
وإن ظهر أن السواد سواد إبل أو بقر أو غنم فقد ظهر أن سبب الترخيص لم يكن متقرراً فلا تجزئهم صلاتهم والخوف من سبع يعاينوه كالخوف من العدو؛ لأن الرخصة لدفع سبب الخوف عنهم، ولا فرق في هذا بين السبع والعدو.
والراكب إذا أمكنه أن يصلي راكباً، ولم يمكنه النزول يصلي قائماً، وإذا صلى بالإيماء لم تلزمه الإعادة بعد زوال العذر في الوقت وخارج الوقت، والراجل يومىء إذا لم يقدر على الركوع والسجود، والراكب (١١١ب١) إذا كان طالباً لا يصلي على الدابة، وإن كان مطلوباً لا بأس بأن يصلي على الدابة. والله أعلم.
نوع آخرمن هذا الفصل
ينبني على ثلاثة أصول:
أحدها: أن الانحراف عن القبلة في خلال الصلاة في غير موضعه وأوانه مفسدة