سائر الأمراض، قال عليه السلام:«لا وجع إلا وجع العين» هكذا روى شمس الأئمة رحمه الله.
وإذ صلى المريض بالإيماء لغير القبلة متعمداً لم يجزئه، لأن استقبال القبلة شرط من شرائط الصلاة، ولم يقع العجز عنه بسبب المرض فلا يسقط عنه، وإذا لم يسقط كان كالصحيح، والصحيح لو صلى إلى غير القبلة متعمداً لم تجزئه صلاته فكذلك ههنا، وإن كان ذلك منه خطأ أجزأه، يعني إذا اشتبهت عليه القبلة، ولم يكن بحضرته من يسأل عنه فتحرى وصلى جازت صلاته وإن تبين أنه أخطأ، كما تجوز من الصحيح لقول علي رضي الله عنه: قبلة المتحري جملة قصده.
والحاصل: أن مفارقة المريض الصحيح فيما هو عاجز عنه، فأما فيما يقدر عليه هو كالصحيح. فإن كان يعرف القبلة، ولكن لا يستطيع أن يتوجه إلى القبلة، ولم يجد أحداً يحوله إلى القبلة، فإنه روي عن محمد بن مقاتل أنه يصلي كذلك إلى غير القبلة ثم يعيد؛ إذا برأ، وفي ظاهر الجواب لا يعيد؛ لأن ما عجز عنه من الشرائط لا يكون أقوى ما عجز عن الأركان، فإن وجد أحداً يحوله إلى القبلة، فإنه ينبغي أن يأمره، حتى يحوله إلى القبلة، فإن لم يأمره وصلى إلى غير القبلة، قال أبو حنيفة رحمه الله: تجوز صلاته، وقالا: لا تجوز.
وكذلك على هذا إذا كان على فراش نجس إن كان لا يجد فراشاً طاهراً، أو يجد فراشاً طاهراً ولكن لا يجد أحداً يحوله إلى فراش طاهر، فصلى على هذا الفراش الطاهر جازت صلاته، فإن كان يجد أحداً يحوله إلى فراش طاهر ينبغي أن يأمره حتى يحوله، فإن لم يأمره وصلى على فراش نجس، قال أبو حنيفة رحمه الله: يجوز، وقالا: لا يجوز، وهذا بناءً على أصل معروف.
وهو أن القادر بقدرة الغير هل يصير قادراً؟ قال أبو حنيفة رحمه الله: لا يصير قادراً، وقالا: يصير قادراً حتى أن الأعمى لا يجب (عليه الحج والجمعة، وإن كان له ألف قائد عند أبي حنيفة رحمه الله، وعندهما: يجب الحج والجمعة. قال شمس الأئمة رحمه الله: قول محمد رحمه الله في «الكتاب» : إذا صلى متعمداً إلى غير القبلة لا يجزئه رواية أن فاعله لا يكفر بخلاف ما قاله بعض المشايخ رحمهم الله.
وإن صلى المريض قبل الوقت عمداً أو خطأ لم يجزئه؛ لأنه صلى قبل الوجوب، وقبل وجود سبب الوجوب، وصار هذا كمن صام رمضان قبل شهر رمضان؛ ولأن المريض فيما يقدر عليه كالصحيح، والصحيح لا تجوز له الصلاة قبل الوقت، فكذا المريض.
ومعنى المسألة: وهو أن يصلي قبل الوقت مخافة أن لا يشغله المرض عن الصلاة، وكذلك لو صلى بغير قراءة، أو بغير وضوء لم يجزه أيضاً لما ذكرنا أن المريض فيما قدر