إزالتها كما لو كانت النجاسة على موضع آخر من البدن.
ثم يوضأ وضوءه للصلاة جاءت السنّة به من رسول الله عليه السلام؛ ولأن الغسل بعد الوفاة معتبر بالغسل حالة الحياة، وفي حالة الحياة كان إذا اغتسل توضأ أولاً وضوءه للصلاة، فكذلك بعد الوفاة.
قال شمس الأئمة الحلواني: هذا في البالغ والصبي الذي يعقل الصلاة، فأما الصبي الذي لم يعقل الصلاة، فإنه يغسله، ولا يتوضأ وضوءه للصلاة؛ لأنه كان لا يصلي.
ويبدأ بغسل وجهه، ولا يغسل اليدين بخلاف حالة الحياة؛ لأن الحي يغسله بنفسه، وآلة الغسل اليد فيؤمر بغسل اليدين أولاً، فيحصل غسل الأعضاء فإنه طاهرة، والميت يغسله الغاسل، ولا يغسل بنفسه، فلا يؤمر بغسل يد الميت بل يؤمر الغاسل بغسل يده.
ويبدأ في الوضوء بميامنه، وكذلك في الاغتسال؛ لأنه في حالة الحياة يفعل كذلك، فكذلك بعد الوفاة، وقد صح أن رسول الله عليه السلام «كان يحب التيامن في كل شيء» ، وقد روت أم عطية أن النبي عليه السلام قال: للنساء اللاتي غسلن ابنته «إبدآن بميامنها وبمواضع وضوئها» . لا يمضمض ولا يستنشق وهذا عندنا، وقال الشافعي رحمه الله: يمضمض ويستنشق اعتباراً بالغسل حالة الحياة.
ولنا ما روي عن النبي عليه السلام أنه قال:«الميت يوضأ وضوءه للصلاة إلا أنه لا يمضمض ولا يستنشق» . وهذا نص في الباب؛ ولأنه بتعذره عليهم إخراج الماء من فيه فيكون سقياً لا مضمضمة، ولو كبوه على وجهه ربما يخرج من جوفه ما هو نتن منه فيكون أخبث لفمه.
ومن العلماء من قال: يجعل الغاسل على أصبعه خرقة دقيقة ويدخل الأصبع في فمه ويمسح بها أسنانه ولهاته وشفتيه وينقيها، ويدخل من منخره أيضاً. قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: وعليه الناس اليوم: ولا يمسح برأسه بخلاف غسل الجنابة حالة الحياة: لأن إزالة الحدث بالمسح عرف نصاً بخلاف القياس حالة الحياة.
ألا ترى أنه لا يزول الحدث في سائر الأعضاء بالمسح ولا نص في حالة الموت، فيبقى على أصل القياس، ولا يؤخر غسل رجليه بخلاف حالة الحياة؛ لأن هناك يجتمع الماء المستعمل في موضع رجليه فالمفيد الغسل، وهنا لا يجتمع، ثم يغسل رأسه ولحيته بالخطمي؛ لأن الغسل شرع للتنظيف والغسل بالخطمي أبلغ في التنظيف، وهذا إذا كان له شعر على رأسه، لأن الحي إذا غسل وله شعر فعل ذلك حتى يصل الماء إلى ثنون شعره،