ولا يسرح شعره؛ لأن الحي إنما يفعل ذلك للزينة وقد انقطع ذلك بالموت.
ثم بعد التوضىء يغسل ثلاثاً؛ لأن هذا غسل مشروع بعد الوفاة، فيعتبر بالغسل المشروع حالة الحياة، ثم التثليث في الغسل حالة الحياة مشروع، وكذا بعد الوفاة، وإن زاد على الثلاث جاز كما في حالة الحياة.
ثم يغسل أولاً بالماء القراح يعني بالماء الخالص، ثم بالسدر فيطرح السدر بالماء، وفي الثالثة يجعل الكافور في الماء ويغسل، هكذا روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال:«يبدأ أولاً بالماء القراح، ثم بالماء والسدر، ثم بالماء وشيء من الكافور» وإنما يبدأ أولاً بالماء القراح حتى يسيل ما عليه من الدرن والنجاسة، ثم بماء السدر حتى يزول ما به من الدرن والنجاسة، فإن السدر أبلغ في التنظيف وإزالة الدرن، ثم بماء الكافور يطيب بدن الميت، كذا فعلت الملائكة بآدم عليه السلام حين غسلوه. والغسل بالماء الحار أفضل عندنا، وقال الشافعي رحمه الله: الأفضل أن يغسل بالماء البارد إلا أن يكون عليه وسخ ودرن، أو نجاسة لا تزول إلا بالماء الحار، فحينئذٍ يغسل بالماء الحار.
حجته: أن الميت يسترخي، فلو غسل بماء حار ازداد الاسترخاء، فيصير سبباً لخروج ما في بطنه من النجاسات، فيؤدي إلى تنجيس الأكفان وتنجيسه ثانياً بعد الغسل، فكان الغسل بماء بارد أفضل.
وعلماؤنا رحمهم الله قالوا: إن غسل الميت شرع للتنظيف، والماء الحار أبلغ في التنظيف، فيكون أفضل قياساً على حالة الحياة، قوله: يزيد في الاسترخاء، قلنا: لهذا سنّ بالماء الحار ليزيد الاسترخاء، فيخرج جميع ما في بطنه كيلا تنجس الأكفان.
ثم يضجعه على شقه الأيسر، فيغسل بالماء القراح حتى ينقيه؛ لأن البدائة بالأيمن مندوب إليه، ولا يمكنه ذلك إلا بعد أن يضعه على شقه الأيسر، فيضعه على شقه الأيسر، ويصب الماء عليه حتى ينقيه، ويرى أن الماء قد خلص إلى ما يلي التخت من الشق الأيسر، فإذا وقع عند هذا فقد غسله مرة.
قال في «الكتاب» : وقد أمرن قبل ذلك بالماء ... بالسدر، فإن لم يكن بسدر فحرض، فإن يكن واحد منهما أجزأك الماء القراح. ثم يضعه على شقه الأيمن، وبصب الماء على شقه الأيسر، فيغسله بالماء القراح ثلاثاً حتى ينقيه، ويرى أن الماء قد خلص إلى ما يلي التخت منه؛ لأن الأيمن قد غسل بصب الماء عليه فيغسل الأيسر يصب الماء عليه؛ لأن صب الماء أبلغ في التطهير، فيجب أن يكون بكل جانب من ذلك حظ، فإن فعل هذا فقد غسل مرتين. ثم يقعده ويسنده إلى نفسه فيمسح بطنه مسحاً رقيقاً، فقد أمره بالمسح بعد الغسل مرتين، وأمره بمسح رقيق حقاً للميت.
وروي عن أبي حنيفة رحمه الله في غير رواية «الأصول» أنه قال: يقعده أولاً،