ويمسح بطنه، ثم يغسله؛ لأن المسح قبل الغسل أولى حتى يخرج ما في بطنه من النجاسة، فيقع الغسل ثلاثاً بعد خروج النجاسة.
وجه ظاهر الرواية: وهو أن المسح بعد المرة الثانية أولى؛ لأنه ربما يكون في بطنه نجاسة منعقدة لا تخرج بعد المسح قبل الغسل، ويخرج بعد الغسل مرتين بماء حار، فكان المسح بعد المرتين أقدر على إخراج ما به من النجاسة، فيكون أولى.
والأصل في ذلك ما روي: أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما غسل رسول الله عليه السلام مسح بطنه بيده وقتها طلب منه ما يطلب من الميت فلم ير شيئاً فقال: طبت حياً وميتاً، وروي أن العباس رضي الله عنه فعل وقال: هذا، وروي أنه لما فعل به هكذا أراح ريح المسك في البيت، وانتشر ذلك الريح في المدينة.
وإن سال منه شيء مسحه، ولم يرد لهذا الاقتصار على المسح بل يغسل ذلك الموضع، وإنما أمره بالمسح قبل الغسل (١١٦ب١) ؛ لأنه لو لم يمسح يتعدى عن ذلك الموضع بالغسل ثم يضجعه على شقه الأيسر، فيغسله بالماء القراح وشيء من الكافور حتى ينقيه، ويرى أن الماء قد خلص إلى ما يلي التخت منه، فإذا فعل ذلك فقد غسله ثلاثاً.
ثم ينشفه بثوب كما في حالة الحياة بعدما اغتسل ينشف أعضاءه حتى لا تبتل ثيابه، فكذا ينشفه بعد الموت حتى لا تبتل الأكفان. ولا يأخذ من شعره وظفره؛ لأنه للزينة، وبالموت استغنى عن الزينة، وإن كان ظفره منكراً، فلا بأس بأن يأخذه.
روي ذلك عن أبي حنيفة، وأبي يوسف رحمهما الله، وهذا سبيل كل ميت مات بعد الولادة، فإن ولد ميتاً لم يغسل، ولا يصلى عليه هكذا ذكر في «الأصل» .
وروي عن أبي حنيفة رحمه الله أنه قال: إذا استهل المولود سمي، وغسل، وصلي عليه، وورث وورث عنه، وإذا لم يستهل لم يسم، ولم يغسل، ولم يصلِ عليه؛ ولم يرث؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه السلام قال: «إذا استهل المولود غسل وصلي عليه وورث، وإن لم يستهل لم يصلِ عليه ولم يورث» وهذه الرواية موافقة لما ذكر في «الأصل» .
وعن أبي يوسف رحمه الله: أنه يغسل ولا يصلى عليه وهكذا روي عن محمد رحمه الله في رواية، وبه أخذ الطحاوي رحمه الله.
وفي رواية أخرى عن محمد رحمه الله: أنه لا يغسل ولا يصلى عليه، وبه أخذ الكرخي.
وجه إحدى الروايتين عن محمد رحمه الله: أن المنفصل ميتاً في حكم جرو حتى لا يصلى عليه فكذا لا يغسل.
وجه رواية أبي يوسف رحمه الله: أن المولود ميتاً نفس مؤمنة، ومن النفوس من يغسل ولا يصلى عليه، فيجوز أن يكون لهذه الصفة وما يقول: بأن المولود ميتاً في حكم الجرو.