أبعد عن عورتها فإن عورتها أشد، وروي عن أبي يوسف رحمه الله أنه قال: يقوم من المرأة بحذاء الوسط، ويقوم من الرجل مما يلي الرأس هكذا روي عن أنس رضي الله عنه موقوفاً عليه ومرفوعاً إلى رسول الله عليه السلام.
والمعنى: أن الرأس معدن العقل فكان القيام عنده أولى، إلا أن في حق المرأة شرطنا القيام إلى وسطها؛ ليصير الإمام حائلاً بينها وبين عورتها الغليظة، فلا يقع بصر القوم عليها.
وإن قام في غير ذلك المكان جاز؛ لأن ترك السنّة يؤثر في الإساءة لا في منع الجواز. ويكبر فيها أربع تكبيرات، وكان ابن أبي ليلى يقول: خمس تكبيرات، وهو رواية عن أبي يوسف، والآثار اختلفت في نقل رسول الله عليه السلام، فروي الخمس والسبع والتسع وأكثر من ذلك، إلا أن آخر فعله كان أربع تكبيرات، وكان ناسخاً لما قبله.
بيانه فيما روي أن عمر رضي الله عنه جمع الصحابة حين اختلفوا في عدد التكبيرات، وقال لهم: إنكم اختلفتم فمن يأتي بعدكم أشد اختلافاً، فانظروا إلى آخر صلاة صلاها رسول الله عليه السلام (١٢٠أ١) على جنازة فخذوا بذلك، فوجدوه صلى على امرأة، وكبر فيها أربعاً فاتفقوا على ذلك.
وقال عليه السلام:«لا تنسوا أربع كأربع الجنائز» وروي عن علي رضي الله عنه أنه كبر أربع تكبيرات، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كبر أربعاً أيضاً؛ ولأن كل تكبيرة منها قائمة مقام ركعة، ثم الصلاة المعهودة لا تزيد على أربع ركعات، فكذا التكبير في هذه الصلاة لا يزيد على أربع تكبيرات؛ ولأن ابن أبي ليلى رحمه الله قال: التكبيرة الأولى الافتتاح، فينبغي أن يكون بعدها أربع تكبيرات كل تكبيرة قائمة مقام ركعة كما في الظهر، والعصر، والجواب أن التكبيرة الأولى وإن كانت للافتتاح، ولكن بهذا لا يخرج من أن يكون تكبيراً.
ثم قال: يكبر الأولى. ويحمد الله تعالى بعد التكبيرة الأولى، ويثني عليه، ولم يوقت في الثناء ههنا شيئاً، وفي سائر الصلوات وقتوا في الثناء وهو قوله: سبحانك اللهم وبحمدك إلى آخره، قال شمس الأئمة رحمه الله: وقد اختلفوا في هذا الثناء بعد التحريم.
قال بعضهم: يحمد الله تعالى بكل ذكر في ظاهر الرواية، وقال بعضهم: يقول سبحانك اللهم وبحمدك إلى آخره كما في الصلوات المعهودة.
ثم يكبر الثانية، ويصلي على النبي عليه السلام؛ لأن الثناء على الله تعالى يعقبه الصلاة على النبي عليه السلام.
ثم يكبر الثالثة ويستغفر للميت ويتشفع له؛ لأن الثناء على الله تعالى والصلاة على النبي عليه السلام يعقبه الدعاء والاستغفار، والمقصود بالصلاة على الجنازة الاستغفار للميت والشفاعة له، والدليل عليه ما روي عن النبي عليه السلام أنه قال: «إذا أراد