للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتاب» وهذه صلاة، وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه صلى على جنازة فقرأ فاتحة الكتاب وجهر بها، وقال: «إنما جهرت لتعلموا أنها سنّة» ؛ ولأنها صلاة مشروعة، فلا تجوز بدون القراءة قياساً على سائر الصلوات.

ولنا ما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه سئل عن صلاة الجنازة هل فيها قراءة؟ فقال: لم يوقت لنا رسول الله عليه السلام فيها قولاً ولا قراءة كبر ما كبر الإمام واختر من أطيب الكلام ما شئت، وما روي من الأحاديث يدل على الجواز لا على الوجوب، ونحن نقول بالجواز، فقد روى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة في صلاته أنه لو قرأ الفاتحة بدلاً عن الثناء لا بأس به، ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما: «إنما جهرت لتعلموا أنها سنّة» لم يقل أنها واجبة، كيف وقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه وفضالة بن عبيد، وابن عمر رضي الله عنهم: ترك القراءة في صلاة الجنازة فيصير معارضاً لقول ابن عباس رضي الله عنهما يدل عليه أن القراءة لو شرعت لشرعت مكررة عقيب كل تكبيرة، فإن كل تكبيرة قائمة مقام ركعة، وعنده القراءة فرض في الركعات كلها، وعندنا في الركعتين.

وفي «فتاوى أهل سمرقند» : من قرأ في صلاة الجنازة بفاتحة الكتاب، إن قرأ بنية الدعاء فلا بأس به، وإن قرأ بنية القراءة لا يجوز أن يقرأ؛ لأن صلاة الجنازة محل الدعاء، وليست محل القراءة.

ويرفع يديه في تكبيرة الافتتاح في صلاة الجنازة، ولا يرفع في سائر التكبيرات:

قال الشافعي: يرفع، وبقوله أخذ كثير من أئمة بلخ رحمهم الله، حجتهم أن هذه التكبيرات يؤتى بها في حالة القيام، فتكون من سنّة الرفع كتكبيرة الافتتاح، وتكبيرات العيدين، ولأن رفع اليدين عند تكبيرة الافتتاح وتكبيرات العيد للحاجة إلى إعلام من خلفه من أصم أو أعمى، وهذا المعنى يقتضي رفع اليدين هنا.

حجة علمائنا رحمهم الله قوله عليه السلام: «لا ترفع الأيدي إلا في سبع مواطن» وليس منها صلاة الجنازة، ولأن بين كل تكبيرتين ذكر مقدر فلا حاجة للإعلام، ونظير هذا ما ذكر الحسن بن زياد رحمه الله في كتاب صلاته لا ترفع صوته بالتسليم في صلاة الحنازة كما يرفع في سائر الصلوة؛ لأن رفع الصوت مشروع للإعلام ولا حاجة إلى الإعلام إذ التسليم عقيب التكبيرة الرابعة بلا فصل، ولأن كل تكبيرة قائمة مقام كل ركعة كذا ها هنا.

ومما يتصل بهذا الفصل

إذا اجتمعت الجنائز فالإمام بالخيار إن شاء صلى على كل جنازة صلاة على حدة،

<<  <  ج: ص:  >  >>