وإن شاء صلى عليهم صلاة واحدة، ويجزىء عن الكل لما روي في شهداء أُحد أن رسول الله عليه السلام صلى على كل عشرة صلاة واحدة، ولأن الدعاء والشفاعة تحصل بصلاة واحدة.
قال في «الكتاب» : فإن أراد أن يصلي عليها صلاة واحدة إن شاؤوا وضعوا الجنائز صفاً طولاً، وإن شاؤوا وضعوا واحداً بعد واحد مما يلي القبلة.
والأصل فيه ما روي عن عثمان بن عبد الله بن صهيب أنه قال: صليت مع أبي هريرة رضي الله عنه ما لا أحصي صلاة الجنازة، فكان يضع مرة صفوفاً ومرة صفاً واحداً، ولم يجعل أحدهما أفضل في ظاهر الرواية، وقد روي عن أبي حنيفة رحمه الله أنه قال: إن وضعوا واحداً بعد الآخر كان أحسن حتى يصير الإمام قائماً بإزاء الكل، فإنه ليس البعض بأولى من البعض في أن يقوم الإمام بحذاءه، وهكذا وردت السنّة في شهداء أُحد، ولكن يجعل الرجال مما يلي الإمام، والصبيان بعده، والنساء مما يلي القبلة هكذا روي عن علي، وابن مسعود، وابن عمر رضوان الله عليهم أجمعين، ولأنه لو صلى بهم حالة الحياة فالرجل يلي الإمام والصبي يلي الرجل والمرأة (١٢٠ب١) تلي، الصبي فبعد الوفاة يصلي الإمام عليهم هكذا أيضاً.
وإن كان حراً ومملوكاً فكيف ما وضعت أجزأك؛ لأنهما لا يختلفان في المقام حالة الحياة، فكذا بعد الوفاة، وروي عن أبي حنيفة رحمه الله: أنه يضع أفضلهما مما يلي الإمام وأسنهما.
وإن كان صبياً حراً ومملوكاً لم يذكر هذا الفصل في «الأصل» ، وذكر في «المجرد» أنه يقدم الصبي الحر على العبد وهذا على رواية أبي حنيفة رحمه الله، أما على ما هو ظاهر الرواية في الرجل الحر والمملوك كيف ما يوضع جاز.
وإن كان عبداً وامرأة، فالعبد مما يلي الإمام والمرأة خلفه، وإن كان جنازة خنثى وامرأة ورجل يوضع الرجل مما يلي الإمام وخلفه مما يلي القبلة خنثى وخلف الخنثى المرأة والله أعلم.
وقال أبو يوسف رحمه الله: الأحسن عندي أن يكون أهل الفضل مما يلي الإمام لقوله عليه السلام: «ليلني منكم أولو الأحلام والنهي» .
وإذا انتهى إلى الإمام في صلاة الجنازة وقد سبقه بتكبيرة لا يكبر، ولكنه ينتظر تكبيرة الإمام حتى يكبر، فيكبر معه فإذا سلم الإمام قضى هذا الرجل ما فاته قبل أن ترفع الجنازة، وهذا مذهب أبي حنيفة، ومحمد رحمهما الله، وعند أبي يوسف لا ينتظر تكبيرة الإمام بل يكبر ويدخل مع الإمام.
وتفسير هذه المسألة على قول أبي حنيفة، ومحمد إذا جاء الرجل وقد كبر الإمام