للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلماؤنا رحمهم الله احتجوا بما روي عن عمر رضي الله عنه أنه لما ماتت امرأته قال لأوليائها: كنا أحق بها حين كانت حية، فإذا ماتت فأنتم أحق بها، ولأن السبب فيما بين الزوجين الزوجية، وإنها تنقطع بالموت، والسبب فيما بين الأقارب القرابة، وإنها لا تنقطع بالموت.

وحديث ابن عباس رضي الله عنهما محمول على أنه كان إمام حي فصلى عليها لكونه إمام حي لا لكونه زوجاً. وإن كان للمرأة التي ماتت زوج وابن منه كره للابن أن يتقدم أباه؛ لأن في تقديمه على الأب ازدراء واستخفاف بالأب، فينبغي أن يقدم الأب، ولا يتقدم عليه.

قال أبو يوسف رحمه الله: وله في حكم الولاية أن يقدم غير أبيه؛ لأن الابن هو الولي إلا أنه منع عن التقدم على أبيه لما ذكرنا من المعنى، وذلك المعنى لا يوجب انقطاع ولايته.

وإن تركت أباً وزوجاً وابناً من هذا الزوج لم يكن الابن أن يقدم أباً إلا برضى الجد؛ لأن الابن ممنوع عن التقدم على الجد لكونه بمنزلة الأب، فيكون ممنوعاً عن تقديم غيره على الجد من طريق الأولى.

وإن تركت زوجاً وابناً من زوج آخر، فلا بأس للابن أن يتقدم على هذا الزوج، ويقدم من شاء، لأنه هو الولي، ولم يوجد ما يمنع التقدم، والتقديم على هذا الزوج، وهو الازدراء بأبيه.

ومولى الموالاة أحق من الأجنبي؛ لأنه ملحق بالقريب، ولهذا كان أحق من الأجنبي؛ لأنه ملحق بالقريب، ولهذا كان أحق بميراثه عند عدم القريب. وقال أبو يوسف رحمه الله: إذا كان الأقرب غائباً المكان تفوت الصلاة بحضوره فالأبعد أولى، فإن قدم الغائب غيره بكتاب كان للأبعد منعه، وحد الغيبة ههنا أن لا يقدر على القدوم فيدرك الصلاة، ولا يقدرون على تأخيرها لقدومه، والمريض بمنزلة الصحيح يقدم من شاء، وليس للأبعد منعه؛ لأن ولايته لم تسقط، ولهذا لو حضر مع المرض كان له أن يتقدم، ومتى كانت الولاية باقية كان له حق التقدم.

وإن قدم الأخوان من الأب والأم كل واحد منهما رجلاً، فالذي قدمه الأكبر أولى لأنهما؛ رضيا بسقوط حقهما، وأكبرهما سناً أولى بالصلاة عليه، فيكون أولى بالتقديم. ولا حق للنساء ولا للصغار في التقديم؛ لأن حق التقديم ينبني على ولاية التقدم، وليس للنساء والصغار ولاية التقدم فلا يكون لهم حق التقديم.

عبد مات فاختصم في الصلاة عليه المولى وأب العبد أو ابنه، وهما حران فالمولى أحق بالصلاة عليه.

وكذلك المكاتب إذا مات عن غير وفاء، ولو ترك وفاء، وأديت كتابته أو لم تؤد إلا أن المال حاضر لا يخاف عليه التلف، فالابن أولى، وكذا الأب، ولكن يكره أن يتقدم جده وهو أبو المكاتب، وإن كان المال غائباً فالمولى أحق بالصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>