قال بعضهم: لا يكره؛ لأنه قصب كله، وقال بعضهم: يكره لأنه لم ترد السنّة بالمعمول.
وأما الحصير المتخذ من البردي فإلقاؤه في القبر مكروه؛ لأنه لم ترد السنّة به.
وكثير من الصحابة أوصوا بأن يرمسوا في التراب رمساً من غير شق ولا لحد، وقالوا: ليس جنبنا الأيسر بأولى من الأيمن في التراب، وكانوا يرمسون في التراب رمساً ويهال عليهم التراب إلا أن الوجه يوقى من التراب بلبنتين أو ثلاث، وكراهة الآجر مذهبنا وقال الشافعي: لا بأس به لما روي أن دانيال النبي عليه السلام وجد في تابوت من صخرة.
ولنا: ما روي عن رسول الله عليه السلام أنه نهى عن تجصيص القبور وتقصيصها، والتجصيص هو العمل بالجص، والتقصيص هو العمل بالآجر؛ لأن القص هو الآجر، وعن إبراهيم النخعي رحمه الله أنه قال: كانوا يستحبون اللبن والقصب ويكرهون الآجر، وقوله: كانوا كناية عن الصحابة والتابعين، ولأن الآجر إنما يستعمل في الأبنية للزينة والإحكام، والقبر موضع البلى.
بعض مشايخنا قالوا: إنما يكره الآجر إذا أريد به الزينة أما إذا أريد به دفع أذى السباع أو شيء آخر لا يكره.
قال مشايخ بخارى: لا يكره الآجر في بلدتنا لمساس الحاجة إليه لضعف الأراضي، حتى قال بعضهم: بأن في هذه البلدة لو جعل تابوتاً من حديد لا يكره لكن ينبغي أن يضع مما يلي الميت اللبن.
وكذلك التابوت من الخشب. كره بعضهم على ظاهر الرواية وقال: بأن هذا في معنى الآجر؛ لأن كل واحد منها لإحكام النازل، ولا حاجة إلى الإحكام. وبعضهم فرق بينهما وقال: كراهة الآجر من حيث إنه مسته النار فلا انتقال به، وهذ المعنى معدوم في حق الخشب، ولكن هذا الفرق ليس بصحيح، ومساس النار في الآجر لا يصلح علة للكراهة، فإن السنّة أن يغسل الميت بالماء الحار، وقد مسته النار.
قال: ويسنم القبر مرتفعاً من الأرض مقدار شبر أو أكثر قليلاً ولا يزاد عليه من تراب غير القبر، ولا يربع. وقال الشافعي: يربع ويسطح ولا يسنم، والمسنم هو السفط الذي هو على رسمنا، واحتج بما روى المزني بإسناده له لما توفي إبراهيم بن رسول الله عليه السلام جعل رسول الله عليه السلام قبره مسطحاً؛ ولأنه مسكن مشروع بعد الوفاة فيعتبر بالمسكن حال الحياة، المسكن حال الحياة يكون مسطحاً مربعاً فكذا المسكن بعد الوفاة.
وعلمائنا احتجوا بحديث سعيد بن جبير وعروة عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن جبريل عليه السلام صلى بالملائكة عليهم السلام على آدم عليه السلام وسنم قبره.
وعن إبراهيم النخعي رضي الله عنه أنه قال: أخبرني من رأى قبر النبي عليه السلام وقبر أبي بكر، وعمر رضي الله عنهما قبل أن يدار الحائط ناشزة مرتفعة مسنمة، وروي أنه لما مات عبد الله بن عباس رضي الله عنهما بالطائف صلى عليه محمد بن الحنفية، وكبر