للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إمامتها بخلاف الصلاة المعهودة؛ لأن في الصلاة المعهودة إنما جعل نية إمامتها شرطاً؛ لأن محاذاتها تفسد الصلاة فيتحرز بترك النية عن محاذاتها. أما هنا ... من الفساد من قبل المحاذاة فلم تجعل النية شرطاً، إلا أن النساء يمنعن من شهود الجنائز. لأنه روي عن النبي عليه السلام أنه رأى نساء في جنازة فقال: «ارجعن مأزورات غير مأجورات» .

ليس على من قهقه في صلاة الجنازة وضوء، وكذلك سجدة التلاوة، وهذا بناءً على الأصل الذي بينا: أن العلماء اختلفوا في انتقاض الطهارة بالقهقهة في الصلاة المكتوبة المعهودة، منهم من رأى ومنهم من أبى. فاختلافهم في الصلاة المطلقة اتفاق منهم في الصلاة المقيدة أنها لا تنقض الوضوء، ولكنها تفسد الصلاة؛ لأن القهقهة تشبه الكلام لأنه صوت خارج من مخرج الكلام، فكان شبه الكلام. الكلام على الحقيقة يشبه الصلاة، فكذا ما هو شبه الكلام. وإن صلاها قعوداً أو ركوباً أمرهم بالإعادة استحساناً، وفي القياس تجزئهم.

وجه القياس: وهو أن صلاة الجنازة دعاء من وجه والقيام والقعود في الدعاء سواء، تقاس هذه بالاستسقاء، فالقيام والقعود في الاستسقاء سواء، وإن كانت السنّة هو القيام وكذلك السنّة في الخطبة القيام، ثم لو خطب قاعداً جاز فكذا هنا.

ووجه الاستحسان: وهو أن صلاة الجنازة واجبة، فلا تتأدى على الدابة، وقاعداً مع القدرة على القيام قياساً على الوتر، وكان القياس في سجدة التلاوة أن لا تتأدى راكباً؛ لأنها واجبة إلا أنه جوز كيلا ينقطع السفر؛ لأن قراءة القرآن مما يكثر في السفر، فالنزول لسجدة التلاوة يؤدي إلى قطع السفر، فتتأدى على الدابة.

أما الصلاة على الجنازة لا تكثر في السفر بل توجد في الأحايين، فالنزول لها لا يؤدي إلى قطع السفر، فلا تتأدى على الدابة. وإن كان ولي الميت مريضاً، فصلى قاعداً وصلى الناس خلفه قياماً أجزأهم في قول أبي حنيفة، وأبي يوسف رحمهما الله، وقال محمد رحمه الله: تجزىء الإمام، ولا تجزىء المأموم لما عرف من أصله أن اقتداء القائم بالقاعد لا يجوز، وعندهما يجوز وقد مر الكلام فيه.z

وإذا اختلط موتى المسلمين بموتى الكفار، إن أمكن تمييز المسلمين بالعلامة يميزون، وإن لم يمكن التمييز، وكانت الغلبة للمسلمين غسلوا ويصلى عليهم إلا من عرف بعينه أنه كافر. وهذا لأن العبرة للغالب والمغلوب ساقط الاعتبار بمقابلته.

ألا ترى أنه لو وجد ميت في دار الإسلام يصلى عليه، وإن احتمل أن يكون كافراً؛ لأن الغلبة في دار الإسلام للمسلمين.

ولو وجد ميت في دار الحرب لا يصلى عليه، وإن احتمل أن يكون مسلماً؛ لأن الغلبة في دار الحرب للكفار. فإذا كانت الغلبة للمسلمين جعل من حيث الحكم كأن الكل

<<  <  ج: ص:  >  >>