وإن النبي عليه السلام لما قبض صلى عليه في حجرة عائشة رضي الله عنها كان الناس يدخلون فوجاً فوجاً، فيصلون عليه وينصرفون.
وإنما تكره الصلاة على الجنازة في الجامع ومسجد الحي عندنا.
وقال الشافعي: لا تكره، وعن أبي يوسف رحمه الله روايتان: في رواية كما قال الشافعي، وفي رواية قال: إذا كانت الجنازة خارج المسجد الإمام والقوم في المسجد فإنه لا تكره وستأتي المسألة في باب الكراهية، وسيأتي لا يجهرون في صلاة الجنازة بشيء من الحمد والثناء وصلوات الرسول عليه السلام لأن هذا ذكر كله، والإخفاء في الذكر أولى كما في أذكار الصلوات.
ومشايخ بلخ يقولون: السنّة أن يسمع الصف الثاني ذكر الصف الأول، والصف الثالث ذكر الصف الثاني، والرابع ذكر الصف الثالث، وقد روي عن أبي يوسف رحمه الله أنه قال: لا يجهرون كل الجهر، ولا يسرون كل السر، وينبغي أن يكون بين ذلك.
ويتيمم لصلاة الجنازة إذا خاف فوتها في المصر، وإن لم يخف الفوت توضأ، وكذلك إن كان افتتح الصلاة، ثم أحدث تيمم وبنى، وقد مر هذا في باب التيمم.
رجل تيمم وصلى على جنازة ثم أتي بجنازة أخرى إن وجد من الوقت مقدار ما يتوضأ به، والماء منه قريب بطل ذلك التيمم، وعليه إعادة التيمم للصلاة على الجنازة الثانية بالإجماع؛ لأنه يمكنه استعمال الماء بعد التيمم الأول، فبطل التيمم، وإن لم يجد من الوقت مقدار ما يتوضأ به، فله أن يصلي بالتيمم الأول على الجنازة الثانية، عند أبي يوسف رحمه الله، وعند محمد رحمه الله ليس له ذلك ويعيد التيمم للجنازة الثانية، هكذا أورده الإمام السرخسي رحمه الله في «شرح الصلاة» ، وأورد الفقيه أبو الليث رحمه الله هذه المسألة في «مختلفاته» ، وذكر قول أبي حنيفة مع قول أبي يوسف رحمهما الله.
حجة محمد رحمه الله: وهو أن التيمم إنما يجوز لضرورة، وقد ارتفعت الضرورة عند الفراغ من الأولى، فعليه تجديد التيمم للثاني.
حجة أبي يوسف رحمه الله (١٢٤ب١) : وهو أن العذر قائم وهو خوف الفوت لو اشتغل بالوضوء، فلهذا جاز له أن يصلي بتيممه الأول.
ويكره أن يجعل على اللحد دفوف خشب يريد به صفائح خشب توضع على اللحد؛ لأن في ذلك إضاعة المال بلا فائدة فإن اللبن يكفي، ولأن ذلك يستعمل للزينة أو لإحكام البناء، والميت غير محتاج إلى ذلك، ولكن مع هذا لو فعل لا بأس به لرخاوة الأراضي في ديارنا.
وفي «وقف النوازل» المرتد لا يدفع إلى من انتحل إليهم كاليهود أو النصارى ليدفنوه في مقابرهم، ولكن تحفر له حفيرة، فيلقى فيها كالكلب.
وفي «واقعات الناطفي» : رجل مات في السفينة يغسل ويكفن ويرمى في البحر؛ لأنه الدفن نقل الميت من مكان إلى مكان سيأتي في كتاب الاستحسان والكراهية إن شاء الله تعالى.