وإنما اعتبر الوزن حالة الانفراد لقوله عليه السلام:«في مائتي درهم خمسة دراهم» والمراد من الدرهم الوزن، وقال عليه السلام:«في عشرين مثقال ذهب نصف مثقال» ، والمثقال هو الوزن، فالنبي عليه السلام نصّ على الوزن حالة الانفراد، فإن بلغ الوزن نصاباً حالة الانفراد فلا يبقى للقيمة عبرة؛ لأن القيمة إنما تعرف بالاجتهاد في موضع النص إذا كان العبرة للوزن حالة الانفراد، فإن بلغ الوزن نصاباً حالة الانفراد تجب الزكاة، وما لا فلا.
جئنا إلى حالة الاجتماع: فهما يعتبران الوزن حالة الاجتماع اعتباراً لحالة الاجتماع بحالة الانفراد، وأبو حنيفة رحمه الله اعتبر القيمة حالة الاجتماع.
وفرق بين حالة الاجتماع وبين حالة الانفراد، فقال: في حالة الانفراد؛ إنما تعتبر القيمة بخلاف القياس؛ لأن المال مال التجارة، وفي مال التجارة تعتبر القيمة كما في سائر أموال التجارة، إلا أن في حالة الانفراد لما اعتبر الشرع الوزن والتقويم اجتهاداً ولا عبرة للاجتهاد حال وجود النص كان ذلك من الشرع إسقاطاً لاعتبار القيمة، فإن في حال الاجتماع لا نص على اعتبار الوزن، فيجب العمل فيه بالقياس.
في «المنتقى» : عن أبي يوسف رجل عنده عشرة دنانير ومائة درهم إن صرف الدنانير إلى الفضة، فقومها دراهم كان له مائتا درهم وزيادة، وإن أضاف الفضة إلى الدنانير، فقومها دنانير كان له أقل من عشرين دنانير، فلا زكاة حتى يكون أي مئة أضاف إلى الأخرى وجب فيها الزكاة، وهو قول أبي حنيفة أولاً، وقال أبو حنيفة آخراً: إذا وجب عليه الزكاة في أحد الوجهين، ولم يجب في الوجه الآخر، فعليه الزكاة.
ذكر القدوري في «كتابه» : روى الحسن عن أبي حنيفة أن الزكاة تجب في الدراهم النبهرجة والزيوف، وما كان الغالب فيه الفضة إذا كانت مائتي درهم؛ لأن اسم الدرهم ينطلق على ما كانت الفضة فيه غالبة، فيتناولها النص الموجب باسم الدراهم، وإن كانت ستوقة ليست للتجارة لم تجب الزكاة فيها حتى يبلغ ما يكون فيها من الفضة مائتين؛ لأن الغالب فيها الغش فلا يتناولها اسم الدرهم، فينظر إلى ما فيها من الفضة، وهذا إذا لم تكن للتجارة، فإن كانت للتجارة، وقد بلغت قيمتها مائتين وجبت الزكاة؛ لأنه إذا لم ينطلق عليها اسم الدرهم لم تكن بمنزلة الأثمان، فتكون بمنزلة العروض، وفي العروض تجب الزكاة إذا كانت للتجارة وقد بلغت قيمتها مائتين، كذا هنا.
وأما الفلوس، فلا زكاة فيها إذا لم تكن للتجارة، وإن كانت للتجارة، فإن بلغت