قيمتها مائتين وجبت الزكاة لما ذكرنا، وكان الفقيه أحمد بن إبراهيم رحمه الله يقول: من ملك مائتي درهم عطريفية، فإن كانت للتجارة تجب فيها الزكاة، وإن كانت للنفقة، فإن كان فيها فضة....... لفضة تجب الزكاة وما سوى الفضة لا تجب.
وكان الفقيه أبو إسحاق الحافظ يقول على قول أبي حنيفة: تجب الزكاة إذا أمسكها للنفقة، وعلى قول أبي يوسف ومحمد فيها: الزكاة وإن كانت للنفقة.
وروي عن أبي عبد الله أحمد بن أبي حفص الكبير أنه قال: لسنا نأخذ بقول أبي حنيفة في هذه المسألة إنما نأخذ بقول أبي يوسف ومحمد.......... علم بد رأيهما عن أبي حنيفة والعطارف يسمى دراهم في عرفنا، فيتناولها النصير الموجب باسم الدراهم.
وكان الشيخ الإمام الجليل أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله يفتي في العطارف بوجوب الزكاة في المائتين منها عدد الخمسة دراهم، وكان يقول يجب أن يكون هذا قول أصحابنا جميعاً؛ لأن الثمينة، وقد تقررت فيها في بلادنا بحيث لا تتغير حيث تقررها في الذهب والفضة، وبه أخذ الشيخ الإمام الأجل شمس الأئمة الحلواني، والشيخ الإمام الأجل شمس الأئمة السرخسي رحمه الله، ومشايخ زماننا قالوا: هم إنما أفتوا في زمنهم بهذا حيث تقررت الثمينة فيها، أما في زماننا قد تراجعت ولم تبق ثمناً، فلا يمكن إيجاب الزكاة فيها باعتبار المعنى، فينظر إلى أنها من الفضة.
وروي عن سعد بن معاذ المروزي أنه قال: العطريفية إذا كانت ألفاً ومائتي درهم تجب فيها الزكاة وما لا فلا، وفي ألف ومائتي عطريفية خمسة دراهم، وذلك لأن في كل عطريفية دانق فضة، وما سواه نحاس وألف ومائتا دانق يكون مئتي درهم، وفي مائتي درهم خمسة دراهم.
ولو أن رجلاً أعطى خمسة دراهم عن مائتي درهم رجلاً عن الزكاة ثم جاء المعطى له وقال وجدتها ستوقة، فإن كان في أكثر رأيه أنه صادق غير متهم، فإنه يصدقه، ولا شيء عليه إذا كان الذي وجد ستوقاً ليس فيه فضة، وكان للمعطى أن يستر ذلك من المعطي؛ لأن المعطي لم يملك؛ لأنه ليس بمحل للتمليك بجهة الزكاة، وإن كانت نبهرجة لم يسترد منه؛ لأنه ملك ذلك؛ لأنه محل التمليك بجهة الزكاة في الجملة، فلا يملك الاسترداد منه وإن لم يجزئه ذلك عن زكاة ماله في هذه الصورة؛ لأن من حجة المعطي أن يقول: شرط أن يكون ذلك من الزكاة لم تكن بيني وبينك، وإنما ذلك بينك وبين الله تعالى، هكذا حكي عن الفقيه أحمد بن إبراهيم رحمه الله.
وفي الباب المعلمة بعلامة النون من «الواقعات» : رجل له مائتا درهم حال عليها الحول، فأدى زكاتها خمسة، فوجد الفقير فيه منها درهماً ستوقه فجاء به ليرده على صاحب المال، فقال صاحب المال رد عليّ الباقي؛ لأنه ظهر أنه لم يكن عليّ زكاة ليس له أن يسترد؛ لأنه ظهر أنه أداه على وجه التطوع، فلا يكون له الرجوع إلا إذا رد الفقير