دين، أو لم يكن، وسواء حال عليه الحول، أو لم يحل، فيأخذ منهم العشر، ولا يصدقون في ذلك، إذ لا فائدة في التصديق، وعبارة بعضهم: أن ما يأخذ أهل الحرب يأخذ بطريق المجازاة، أو فيما كان طريقه طريق الخبر، فالظاهر أنهم لا يصدقوننا؛ لأنه ظهر فيهم تكذيبنا في الخبر عن أصل الدين، فالظاهر تكذيبهم إيانا في الخبر عن الفروع، فلا نصدقهم.
فيه أيضاً: قال: ولو مر الحربي على العاشر بنصاب كامل أخذ منه العشر، لما روينا من حديث عمر رضي الله، عنه إلا إذا علم أنهم يأخذون منا أقل من ذلك أو أكثر، فيأخذ منهم مثل ذلك، هكذا ذكر في «الجامع الصغير» ، وهو إشارة إلى طريق المجازاة، وإن علم أنهم لا يأخذون من تجارنا شيئاً، فنحن لا نأخذ منهم شيئاً أيضاً.
واختلف المشايخ فيما إذا علم أنهم يأخذون منا جميع المال قال بعضهم: نأخذ منهم جميع المال بطريق المجازاة زجراً لهم عن صنيعهم، وقال بعضهم: لا نأخذ منهم جميع المال، بل نترك في أيديهم قدر ما يبلغهم مأمنهم؛ لأنا لو أخذنا الكل نحتاج إلى من يعطيهم هذا القدر؛ لأن تبليغهم مأمنهم علينا قال الله تعالى:{ثم أبلغه مأمنه}(التوبة: ٦) ، فلا نأخذ ذلك من الابتداء لعدم الفائدة، وإذا مر الحربي على العاشر وعشره، ثم مر عليه في تلك السنة ثانياً، فإن كان لم يعد إلى دار الحرب، وإنما هو يتردد في دار الإسلام لا نأخذ منه في هذه السنة ثانياً؛ لأن أخذ العاشر عوض الحماية، والحماية لم تتجدد في هذا المال.
قال شيخ الإسلام في «شرحه» : هنا إذا علم أنهم لا يأخذون من تجارنا في السنة إلا مرة واحدة ما داموا يترددون في دارهم، أو لم يعلم، أما إذا علم أنهم يأخذون ذلك مراراً، فنحن نأخذ كذلك أيضاً، وإن كان الحربي قد عاد إلى دار الحرب ثم خرج ثانياً في تلك السنة (١٤٤ب١) ومر على العاشر أخذ منه العشر ثانياً؛ لأن بدخوله دار الحرب التحق بحربي لم يدخل دارنا قط الأحرى إنه يحتاج إلى استئمان جديد، وإذا كان هكذا يحتاج إلى حماية مبتدأة في هذا المال، ونزل هذا المال باعتبار تجدد وصف الحماية منزلة مال آخر، في عشره ثانياً.
قال شيخ الإسلام: وهذا إذا علم أنهم يأخذون من تجارنا كلما دخلوا عليهم مرة بعد أخرى في سنة واحدة، أما إذا علم أنهم لا يأخذون، كذلك فنحن لا نأخذ منهم أيضاً.
وإذا عاد الحربي إلى دار الحرب، ولم يعلم به العاشر، ثم علم في الحول الثاني لم يأخذه لما مضى؛ لأن ما مضى قد سقط لانقطاع الولاية، فأما المسلم والذمي، إذا مر على العاشر، ولم يعلم به، ثم علم في الحول الثاني أخذه بما مضى؛ لأن الوجوب قد ثبت، والمسقط لم يوجد.
وإذ مر التاجر على العاشر، ولم يعلم به، ثم علم في الحول الثاني أخذه بما مضى؛ لأن الوجوب قد ثبت، والمسقط لم يوجد إلى متاع وأمراء قومي