للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه أيضاً: برواية المعلى عن أبي يوسف: إذ قال: لله عليّ أن أتصدق من هذه العشرين بعشرة دراهم، فتصدق بعشرة منها، ولا نية له لم يجزه فيما حصل على نفسه، ولو تصدق بالعشرين كلها، ولا نية له أجزأه.

وفي «القدوري» : إذا قال: لله عليّ أن أتصدق بهذه الدراهم يوم يقدم فلان، ثم قال: إن كلمت فلاناً، فعلي أن أتصدق بهذه الدراهم، وكلم فلاناً، وقدم فلان أجزأه أن يتصدق بتلك الدارهم، ولا يلزمه غير ذلك؛ لأن الواجب تعلق بمحل بعينه، وذلك مما لا يزداد، وهذا كالعين إذا جعل شرطاً في يمينين ووجد الشرطان لم يجب شيء آخر كذا ههنا.

وفيه أيضاً: إذا قال: إن كلمت فلاناً، فعليّ أن أتصدق بهذه الدراهم، وكلم فلاناً حتى وجب التصدق بها، فأعطاها من زكاة ماله، أو كفارة يمينه، فعليه أخرى مكانها؛ لأنه بالصرف إلى جهة أخرى صار كالمستهلك لها، فيضمن كما لو أنفقها بخلاف الفصل الأول؛ لأن هناك النذر أن يعلقها بمحل واحد، فوقع عنهما أما ههنا بخلافه.

قال في «الجامع» : إذا قال الرجل: إن كان ما في يدي دراهم إلا ثلاثة دراهم، فجميع ما في يدي صدقة، فإذا هي خمسة دراهم، أو أربعة دراهم لا يلزمه التصدق بشيء. وفي «الجامع» أيضاً: إذا قالت: لله عليّ إطعام المساكين، أو إطعام مساكين، فإن أبا حنيفة قال: هذا على غيره في الوجهين جميعاً، وهذا استحسان.

ووجهه: أن إيجاب العبد معتبر بإيجاب الله تعالى، ولعل الطعام المقدر بالمساكين في إيجاب الله تعالى طعام عشرة مساكين كما في كفارة اليمين، فإن أبهم عدد المساكين أخذ المقدار منه.

فإن قيل: كيف لم يأخذ أبو حنيفة رحمه الله المقدار عند الإبهام من كفارة الحلف في الأذى وإنه أقل؛ لأنه مقدر بثلاثة أصوع على ستة مساكين؟.

قلنا: لأن الواجب في كفارة الحلف واجب باسم الصدقة لا باسم الإطعام؛ لأن الله تعالى قال: {فمن كان منكم مريضاً أو به أذىً من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} (البقرة: ١٩٦) وهذا الشخص إنما أوجب على نفسه باسم الإطعام لا باسم الصدقة حتى لو قال: لله عليّ صدقة المساكين يؤخذ قدره من كفارة الحلف.

وفي «نية النوازل» : رجل في يده دراهم فقال: لله عليّ أن أتصدق بهذه الدراهم، فلم يتصدق حتى هلكت، فلا شيء عليه؛ لأن الدراهم تتعين في باب النذور، ولو لم تهلك وتصدق بدراهم سواها، فهو جائز، وهي مسألة دفع القيم.

وفي «وقف النوازل» : رجل له شيء فقال: إن وجدته فللَّه على أن أقف أرضي هذه على ابن السبيل، فوجده يجب عليه الإيقاف، فإن وقف على الأجانب، أو على الأقارب الذين يجوز له إعطاء الزكاة إياهم جاز، وخرج عن عهدة النذر، وإن وقف على الأقارب الذين لا يجوز له إعطاء الزكاة جاز الوقف، ولكن لا يخرج عن عهدة النذر، أما جواز

<<  <  ج: ص:  >  >>