للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو نوى بهذا النذر جميع ما يملك حتى بيته؛ لأنه شدد على نفسه بنيته، والاسم صالح لتناول الكل، فيلزمه التصدق بالكل، ولو كان له ثمرة عشرية تصدق بها؛ لأنه مال تعلق به العشر، والعشر في معنى الصدقة وكان مال الصدقة.

وقال أبو حنيفة: الأرض العشرية لا تدخل تحت هذا النذر، خلافاً لأبي يوسف؛ لأن الأرض العشرية ليست مال الصدقة دون العشر، إنما يجب في الخارج لا في الأرض؛ فكانت الأرض خالية عن الصدقة، فلم تكن مال الصدقة، ولا خلاف أن أرض الخراج لا تدخل في هذا النذر، وقول محمد في أرض العشر نظير قول أبي حنيفة ذكره في «المنتقى» .

وفي «المنتقى» محمد: أن أرض التجارة لا تدخل في هذا النذر، وقول محمد في أرض العشر نظير قول أبي حنيفة هذا الذي ذكرنا ما إذا حصل النذر باسم المال، فأما إذا حصل النذر باسم المال بأن قال: إن فعلت كذا، فجميع ما أملكه صدقة في المساكين ذكر في كتاب الهبة أنه يتصدق بجميع ما يملكه ويمسك قوته، فمن المشايخ من قال: هذا جواب القياس.

وفي الاستحسان: ينصرف إلى مال الزكاة، وإليه ذهب الفقيه أبو بكر البلخي، والشيخ الإمام الأجل شمس الدين السرخسي، ومنهم من قال: لا هذا جواب القياس والاستحسان، وإليه ذهب الفقيه محمد بن إبراهيم الميداني، فعلى قول هذا القائل يحتاج إلى الفرق بين ذكر المال وبين ذكر الملك على جواب الاستحسان.

والفرق: أن اسم المال مطلقاً إنما يفيد مال الزكاة في هذا الباب اعتباراً لإيجاب العبد بإيجاب الله تعالى، وهذا المعنى معدوم عند ذكر الملك؛ لأنا لم نجد في إيجاب المشرع إضافة الصدقة إلى المالك المطلق، وأراد مال مقيد، فيعمل فيه بعضه اللفظ، واللفظ عام أو مطلق.

ثم قال في كتاب الهبة: ويمسك من ذلك قوته؛ لأن حاجته في هذا القدر معدم، وهذا لأنه لو لم يمسك مقدار قوته يحتاج إلى أن يسأل الناس من ساعته، ولا يحسن أن يتصدق الرجل بماله، ويسأل الناس من ساعته، ولم يبين مقدار ما يمسك.

قال مشايخنا: إن كان محترفاً يمسك قوت يوم، وإن كان صاحب حوانيت غلة يمسك قوت شهر، وإن كان دهاقاً يمسك قوت سنة؛ لأن قوت الدهاقين يحدد في كل سنة، وقوت أهل الحرف في كل يوم، فإذا وصل يده إلى شيء من المال بعد ذلك تصدق بمقدار ما أمسك؛ لأنه مستهلك قدر ما أمسك من المال الذي لزمه التصدق منه، فيصير ضامناً مثله كما لو استهلك مال الزكاة، فإذا جعل الرجل على نفسه حجة أو عمرة، أو ما أشبه ذلك ما هو طاعة الله عزّ وجلّ، وكان النذر مرسلاً لزمه الوفاء بما سمى، ولا يلزمه الكفارة بلا خلاف، فإن كان النذر معلقاً بالشرط إن كان شرطاً يريد وجود لجلب منفعة،

<<  <  ج: ص:  >  >>