للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المدينة، وسيأتي ذلك في مسائل صدقة الفطر، وهذا القفيز يكون من الحنطة، هكذا ذكر في موضع من كتاب العشر والخراج، وذكر في موضع آخر منه، قال: ويكون هذا القفيز بما يزرع في ذلك الأرض، وهو الصحيح قال في كتاب العشر والخراج: وينبغي أن يكال هذا القفيز بزيادة حفنتين، وتكلموا في تفسير قوله يكال بزيادة حفنتين.

قال بعضهم تفسيره: أن يضع الكيال كفيه على جانب القفيز عند الكيل من الصبرة، ويمسك ما يقع في كفيه من الطعام، ونصف القفيز مع ما بحفنتيه في جوالق العاشر، وبعضهم قالوا: معناه أن يملأ الكيال القفيز، ثم يمسح أعلى القفيز في أعلاه من الحبات، ثم يصب القفيز في جوالق العاشر بما بحفنتيه في الصبرة، ويرميها في جوالق العاشر زيادة على القفيز، وإنما شرطنا زيادة حفنتين احتياطاً لحق الله تعالى، ليخرج عن حقه بيقين، وذكر في أرض الزعفران أن خراجها بقدر ما تطيق، ومعنى الطاقة يأتي بعد هذا إن شاء الله.

ثم هذا المقدر لا يجب (١٥٠أ١) في كل سنة إلا مرة واحدة، زرع المالك مرة واحدة، أو مراراً إلا أن عمر رضي الله عنه، لما وظف هذا المقدار في السنة مع علمه أن الأرض قد تزرع مرتين، علمنا بأن المعتبر أصل الزراعة لا المرات بخلاف خراج المقاسمة والعشر؛ لأن هناك الواجب جزء الخارج فيتكرر الوجوب بتكرر الخراج الوظيفة بخلافه.

ثم ما ذكرنا في مقدار الخراج، فذلك إذا كانت الأراضي تطيق ذلك، فأما إذا كانت الأراضي لا تطيق ذلك، بأن قل ريعها، فإنه ينقص عنه إلى ما يطيق، فالنقصان عن وظيفة عمر إذا كانت الأراضي تطيق الزيادة بأن كثر ريعها، هل يجوز؟ ففي الأرض التي صدر التوظيف فيها من عمر لا يجوز الزيادة بالإجماع، وإن أطاقت الزيادة، وهذا لأن المقادير لا يعرف توقيفاً وسماعاً، والظاهر أن عمر رضي الله عنه عرف هذا التقدير من جهة رسول الله عليه السلام، وفي بعض الآثار ما يدل على هذا، وهو حديث أبي هريرة على ما روينا، وكأنه أخذ التقدير من حديث أبي هريرة رضي الله عنهما، والتقدير الشرعي يتبع الزيادة. مع هذا رضي عمر بهذا المقدار.

أو نقول: الصحابة أجمعوا على هذا المقدار، وإجماع الصحابة حجة شرعاً، فيمنع الزيادة، وكذلك لو أن هذا الإمام وظف على أراضي مثل وظيفة عمر، ثم أراد أن يزيد على تلك الوظيفة ليس له ذلك، وإن كانت الأراضي تطيق الزيادة، وكذلك لو أراد أن يحولها إلى وظيفة أخرى بأن كانت الوظيفة الأولى دراهم، فأراد أن يحولها إلى المقاسمة، أو كانت الوظيفة الأولى مقاسمة، فأراد أن يحولها إلى الدراهم ليس له ذلك، فإن زاد عليهم على تلك الوظيفة، أو حولها إلى وظيفة أخرى، وحكم بذلك عليهم، وكان من رأيه ذلك، ثم ولي بعده والي يريد خلاف ذلك، فإن كان الأول صنع ما صنع بطيب أنفسهم، أمضى الثاني ما فعله الأول، وإن كان الأول صنع ذلك بغير طيب أنفسهم، فإن كانت الأراضي فتحت عنوة، ثم مَنَّ الإمام بها عليهم أمضى الثاني ما صنع الأول؛ لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>