للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحد الجمود والذوبان: أنه إذا كان بحال لو قوِّر ذلك الموضع لا يستوي من ساعته فهو جامد، وإن كان يستوي من ساعته فهو ذائب. ثم في الذائب لا بأس بالانتفاع به سوى الأكل من حيث الاستصناع به، دبغ الجلد للحديث، ولأن النجس أجزاء الفأرة وإنها مجاورة للدهن مجاورة لازمة فحرم الأكل لأنه لا ينفك عن حلول جزء من النجاسة.

فأما الانتفاع في غير الأكل يقع بالدهن لا بأجزاء الفأرة، فصار الاستعمال في حق الحرمة النجس استهلاكاً لا انتفاعاً، والبيع يرد على المذكور، والمذكور الدهن لأجزاء الفأرة بخلاف الأكل.

وفي «القدوري» أيضاً: إذا وقعت النجاسة في الماء، فإن تغير وصف الماء لم يجز الانتفاع به بحال، فإن لم يتغير جاز الانتفاع به مثل بل الطين وسقي الدواب، لأن في الوجه الأول النجاسة قد غلبت عليه حتى غيرته فصار كعين النجاسة، ولا كذلك الوجه الثاني.

وفي «المنتقى» عن أبي يوسف رحمه الله: إذا وجب نزح الماء كله من البئر فعجن من ذلك لا يطعم ذلك بني آدم. ولا بأس بإطعامه وإلقائه للكلاب والسنانير، ولا بأس برش تلك المياه في الطريق. وروي عنه في غير هذه الصورة: يطعم ذلك العجين البهائم ولا يسقي ذلك الماء البهائم وأشار إلى العلة فقال: لأن ما يدخل عليه من إلقاء الطعام أشد من إطعام البهائم والماء لا بأس بصبه، وفي هذا التعليل أشار إلى أن هذا العجين لا يلقى في الطريق، والمفسدة في إلقائه في الطريق أعظم من المفسدة في إطعام الكلاب والسنانير، والماء يصب في الطريق المفسدة في الصب في الطريق دون المفسدة في سقي البهائم.

(نوع آخر) في الحمَّام

روى المعلّى عن أبي يوسف رحمهما الله أنه قال: الحمام بمنزلة الماء الجاري إذا أدخل يده فيه وفيه قذر لم يتنجس، واختلف المتأخرون في بيان هذا القول فمنهم من قال: مراد أبي يوسف حالة مخصوصة: وهي ما إذا كان الماء يجري إلى حوض الحمام والاغتراف منه متدارك، فهذا الماء في هذه الحالة في حكم الماء الجاري. ومنهم من قال: ماء الحمام عنده بمنزلة الماء الجاري على كل حال لأجل الضرورة، ألا ترى أن الماء الراكد وهو الحوض العظيم ألحق بالماء الجاري (١٥ب١) لأجل الضرورة، فكذا ماء الحمام. ويجوز التوضؤ بماء الحمام، وإن كان الماء في الحوض ساكناً لا يدخل من أنبوبه شيء ما لم يعلم بوقوع النجاسة فيه، فإن أدخل رجل يده فيه في هذه الحالة وفي يده قذر؛ فعلى قول أبي يوسف رحمه الله على ما ذهب إليه بعض المشايخ لا ينجس الحوض، وعامة المشايخ على أنه ينجس، وكذلك إذا كان الناس يغرفون بقصاعهم إلا أن الماء لا يدخل من الأنبوب، فأدخل رجل يده وفي يده قذر ينجس الحوض عند عامة المشايخ، وإن كان يدخل الماء في الحوض من الأنبوب والاغتراف منه...... عامة

<<  <  ج: ص:  >  >>