ومنهم من قال: بأنه مؤقت بما بين رمضانين، وبه أخذ أبو الحسن الكرخي، والصحيح أنه على التراخي لقوله تعالى:{فعدة من أيام أخر}(البقرة: ١٨٤) من غير فصل، وعن هذا قال أصحابنا رحمهم الله: لا يكره لمن عليه قضاء رمضان أن يتطوع بالصوم؛ لأن الوجوب ليس على الفور قد قال أصحابنا: إذا أخر قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر، فلا فدية عليه، وهو بناءً على ما قلنا: إن القضاء غير مؤقت، فكان رجاء القضاء ثانياً، ومع رجاء القضاء لا تلزمه الفدية، فإن لم يصم بعدما صح، أو أقام حتى مات، فعليه أن يوصي أن يطعم عنه؛ لأنه عجز عما هو واجب عليه، فينقل إلى ما يقوم مقامه، وكان عليه أن يوصي بالإطعام، ولا يجوز لابن أن يصوم عنه، وكذا لا يجب عليه الإطعام بدون الوصية؛ لأن العبادات لا يجوز أداؤها عن الغير إلا بالوصية كسائر العبادات وكحالة الحياة.
وقد روي عن عصام ومحمد بن يسار رحمه الله: أن من أراد الاحتياط لميته فليصم، وليطعم عنه؛ لأن السنة وردت بالأمرين «قالت عائشة رضي الله عنها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّممن مات وعليه صيام أطعم عنه وليه» نحن، وإن لم نأخذ بهذا الحديث بغريب اجتهاد بقي نوع شبهة، فيجمع احتياطاً، ولو صح المريض أياماً، فإن صح عشرة أيام مثلاً، ثم مات لزمه من القضاء بقدر ما صح، هكذا ذكر في ظاهر الرواية، وذكر الطحاوي ههنا خلافاً، فقال: على قول أبي حنيفة، وأبي يوسف: يلزمه قضاء جميع الشهر حتى يلزمه أن يوصي جميع الشهر، وقال محمد: يلزمه بقدر ما صح.
والصحيح: أن لا خلاف ههنا، وإنما الخلاف في المريض إذا نذر بصوم شهر، فمات قبل أن يصح لم يلزمه شيء، وإن صح يوماً يلزمه أن يوصي بجميع الشهر في قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، قال محمد: يلزمه بقدر ما صح.
فأما الشيخ الفاني يفطر، ويفدي يطعم عن كل يوم مقدار صدقة (١٦٢أ١) الفطر؛ لأنه وقع الناس له عن الصوم؛ لأن الشيخ الفاني أن يكون عاجزاً عن الأداء في الحال، ويزداد عجزه كل يوم إلى أن يموت، وفرق بينه وبين المريض إذا لم يدرك عدة من أيام أخر حيث لم يوجب عليه الفدية؛ لأن من شرط وجوب الفدية تحقق الناس وفي حق الشيخ الفاني تحقق الناس أما في حق المريض لا يتحقق الناس لا في آخر برء من آخر جزء من أجزاء حياته؛ لأن قبل ذلك احتمال البرء قائم، وفي آخر جزء من أجزاء حياته، هو عاجز عن الإيصاء، قال مشايخنا: إذا كان مريضاً يعلم أن آخره الموت، وابتدأ ذلك حتى أمكنه الإيصاء يجعل في هذه الحالة بمنزلة الشيخ الفاني وهذا شيء يجب أن يحفظ جداً.