المسألة المتقدمة على هذا التفصيل أيضاً.
وفي «أجناس الناطفي» ، وفي «صلاة الأثر» : لا بأس بالتوضؤ بماء السبيل إذا كانت رقة الماء غلبة غالبة، وإن لم تكن غالبة لا يجوز التوضؤ به؛ لأنه طين مسح على وجهه.
وفي «القدوري» : إذا اختلط الطاهر بالماء ولم يزل اسم الماء، ولا رقته فهو طاهر طهور تغير لونه أو لا، ولم يذكر فيه خلافاً، وهذا لا يستقيم على قول محمد على القول الذي يعتبر الغلبة من حيث اللون.
قال: وكل ما طبخ فيه شيء حتى تغير مثل الباقلاء وغيره لم يجز التوضؤ به لزوال اسم الماء عنه، ولم يذكر فيه خلافاً أيضاً، فإن أراد بهذا التغير التغير من حيث اللون فهو قول محمد رحمه الله على الفصل الذي اعتبر الغلبة من حيث اللون، وإن أراد بهذا التغير التغير من حيث الأجزاء فهو قول محمد رحمه الله أيضاً على أحد قوليه، وقول أبي يوسف رحمه الله أيضاً على أحد قوليه على ما تقدم.
وفي «شرح الطحاوي» : كل ما خالط ما سواه من المائعات وغلب ذلك الشيء على الماء فحكمه حكم ذلك الشيء لا حكم الماء، حتى لا يجوز التوضؤ به، فإن كانت الغلبة للماء فحكمه حكم الماء المطلق يجوز التوضؤ به.
بيانه في اللبن أو الخل أو العصير إذا اختلط بالماء، فإن كانت الغلبة للماء جاز التوضؤ، وإن كانت الغلبة للبن أو الخل أو العصير لا يجوز التوضؤ به.
وسئل الفقيه أحمد بن إبراهيم عن الماء الذي تغير لكثرة الأوراق الواقعة فيه حتى يظهر لون الأوراق في الكف إذا رفع الماء منه، هل يجوز التوضؤ به؟ قال: لا، لكن يجوز شربه وغسل الأشياء به، أما جواز الشرب وغسل الأشياء به فلأنه طاهر، وأما عدم جواز التوضؤ به، لأنه لما غلب لون الأوراق عليه صار ماء مقيداً كماء الباقلاء وغيره.
ومنها الماء الذي غلب على ظننا وقوع النجاسة فيه. قال القدوري في «كتابه» : كل ماء تيقنا بوقوع النجاسة فيه أو غلب على ظننا لم يجز التوضؤ به، وبعض مشايخنا قالوا: يعتبر التغير، ولا تعتبر غلبة الظن، لأن الماء طاهر بيقين، فلا ترفع عنه صفة الطهارة بمجرد الظن، والأصح ما ذكره القدوري، ألا ترى أن الواحد إذا أخبر بنجاسة الماء لا يجوز الوضوء به، وخبره يوجب (١٦أ١) غلبة الظن لما لا يوجب اليقين، لأن غلبة الظن تلحق باليقين خصوصاً في باب العبادات والله أعلم.
ومنها الماء المستعمل في البدن: الكلام في الماء المستعمل في مواضع:
أحدها: في نجاسته وطهارته، فنقول: اتفق أصحابنا أن الماء المستعمل ليس بطهور حتى لا يجوز التوضؤ به، ولا يجوز غسل شيء من النجاسات به.
واختلفوا في طهارته، قال محمد رحمه الله: هو طاهر، وهو رواية أبي حنيفة رحمه الله وعليه الفتوى. وقال أبو يوسف رحمه الله: هو نجس نجاسة خفيفة، وهو رواية عن أبي حنيفة. وقال الحسن بن زياد: نجس نجاسة غليظة، كالبول والدم، وهو رواية عن