للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بغسل رجليه كيلا تتنجس رجله ثانياً. ولو كان الماء المستعمل طاهراً لكان لا يتأخر غسل رجليه إلى ما بعد الاغتسال.

ومنها: أجمعنا على أنه يباح إراقة الماء المستعمل، ولو كان طاهراً لا يباح إراقته.

الموضع الثاني: أن الماء متى يأخذ حكم الاستعمال، فنقول: إنما يأخذ حكم الاستعمال إذا زايل البدن، والاجتماع في المكان ليس بشرط، هذا هو مذهب أصحابنا، وما ذكر في «شرح الطحاوي» أن الماء إنما يأخذ حكم الاستعمال إذا زايل البدن واستقر في مكان، فذاك قول سفيان الثوري وإبراهيم النخعي رحمهما الله وبعض مشايخ بلخ، وهو اختيار الطحاوي رحمه الله، وبه كان يفتي ظهير الدين المرغيناني رحمه الله، أما مذهب أصحابنا ما ذكرنا، وعن هذا قلنا: إن من نسي مسح رأسه فأخذ ماءً من لحيته ومسح به رأسه لا يجوز، لأنه كما أخذه من لحيته فقد أخذ حكم الاستعمال؛ لأنه زايل العضو فحصل المسح بماء مستعمل.

وفي نظم «الزَّنْدويستي» : إن عند مشايخ بخارى يصير الماء مستعملاً وإن كان في الهواء، حتى قالوا: إن أصاب ثوبه يتنجس بأن كان متقاطراً، وكذا الخرقة التي يمسح بها أعضاء الوضوء، فإن كان متقاطراً يتنجس، يعني على قول من يقول بنجاسة الماء المستعمل.

وفي «شرح الطحاوي» : لو بقي على العضو لمعة لم يصبها الماء فصرف البلل الذي على ذلك العضو إلى تلك اللمعة جاز، ولو صرف البلل الذي في اليمنى إلى اللمعة التي في اليسرى، أو من اليسرى إل اليمنى لا يجوز. ولو كان هذا في الجنابة جاز؛ لأن الأعضاء في الجنابة كعضو واحد والله أعلم.

معرفة سبب استعمال الماء

فنقول: اختلف المشايخ المتأخرون، قال الشيخ أبو بكر الرازي وجماعة من مشايخ العراق: الماء على أصل أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله إنما يصير مستعملاً بأحد أمرين: إما برفع الحدث بأن يتوضأ تبرداً وهو محدث، أو باستعماله على قصد إقامة القربة بأن يتوضأ وهو متوضىء ناوياً الوضوء.

وعلى أصل محمد رحمه الله: الماء إنما يصير مستعملاً بشيء واحد وهو الاستعمال على قصد إقامة القربة، واستدلوا بمسألة الجنب إذا انغمس في البئر لطلب الدلو، فعلى قول أبي يوسف رحمه الله: الماء بحاله طاهر، والرجل بحاله جنب لأنه لو حكم بطهارة الرجل صار الماء مستعملاً أول الملاقاة، والماء المستعمل عنده نجس فلا يطهر به الشخص، وإذا لم تجر الطهارة ينتقض الحكم بالاستعمال فيقع الدور، فقال من الابتداء: الماء بحاله والرجل بحاله احترازاً عن الدور.

قال محمد رحمه الله: الماء طاهر والرجل طاهر، أما الرجل طاهر؛ لأنه وصل إلى الماء والماء مطهر بداية من غير نية، كما وقع في الماء الجاري، وأصابه المطر، والماء

<<  <  ج: ص:  >  >>