صيد، ولكن لأنها ما دامت على البدن، فقتلها من قضاء التفث؛ لأنها متولدة من البدن، ويتأذى بها ويرتفق بإزالتها، وقضاء التفث حرام على المحرم، فإذا قتلها مقدار مكثه محرماً، فيؤاخذ به؛ حتى لو كانت القملة ساقطة على الأرض فقتلها، فلا شيء عليه؛ لأن قتلها في هذه الصورة ليس من قضاء التفث بخلاف البرغوث (١٧٣أ١) والنملة وأشباهها؛ لأن هذه الأشياء ليست بصيد، وقتلها ليس من جملة قضاء التفث أيضاً لأنها لا تنمو من البدن، ثم إن محمداً رحمه الله قال في «الجامع الصغير» : في قملة أطعم شيئاً، وفي «الأصل» قال: تصدق بشيء، وفي «القدوري» : أوجب فيها الصدقة بكف من طعام.
وفي «عيون المسألة» : محرم أخذ قملة من رأسه وقتلها، أو ألقاها أطعم بها كسرة خبز، وإن كانتا اثنتين أو ثلاثاً أطعم قبضة من طعام وإن كان كثيراً أطعم بنصف صاع، وما ذكر في «الجامع الصغير» و «العيون» يشير إلى أنه لا يشترط التمليك، ويكتفى بالإباحة، وهو الصح.
وفي «الفتاوى» : محرم وقع في ثيابه قمل كثير، فألقى ثيابه في الشمس ليقتل القمل من الشمس، فمات القمل، فعليه الجزاء نصف صاع من حنطة إذا كان القمل كثيراً، ولو ألقى ثوبه ولم يقصد أن يقتل القمل من حر الشمس، فلا شيء عليه؛ لأنه في الوجه الأول سبب، وفي الوجه الثاني لا إنما قصد إلقاء الثوب لا غير.... أنه لو غسل ثيابه، فمات القمل لم يكن عليه جزاء.
وفي «المنتقى» : عن محمد: محرم دفع ثوبه إلى حلال لغسيله قال: إذا علم أنه قتل قملاً، فعليه الكفارة.
وفي «الفتاوى» : إذا دفع المحرم ثوبه إلى حلال ليقتل ما فيه من القمل، فقتله كان على الآمر جزاء، وكذلك لو أشار إلى قملة، فقتلها المشار إليه كان على المشير الجزاء.
وفي «المنتقى» إذا قال المحرم لحلال: ارفع هذا القمل عني، ففعل فعليه الكفارة.
وإذا قتل المحرم بعوضاً أو ذباباً أو حَلَماً فلا شيء عليه لما قلنا في البرغوث قد ذكرنا أن ما لا يؤكل من صيود البر لا يجاور في جزاءه الدم.
وأما ما يؤكل من صيود البر يجب في جزائه قيمتها بالغة ما بلغت، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله، ويستوي أن يكون المقتول صيداً له مثل من النعم خلقة أولا مثل له من النعم خلقة.
وقال محمد والشافعي: ماله مثل من النعم خلقة وصورة يجب في جزائه المثل خلقة، فيجب في النعامة بدنة، وفي حمار الوحش بقرة، وفي الظبي شاة، وفي الأرنب عناق، وكذلك قالا فيما لا يؤكل ماله مثل من النعم يجب في جزائه المثل خلقه حتى قالا: يجب في الضبع شاة، وفيما لا مثل له من النعم خلقة وصورة وتجب القيمة،