قال في «الأصل» : والعامد والخاطىء في قتل الصيد سواء؛ لأن الله تعالى حرم على المحرم قتل الصيد مطلقاً، والتقييد بالعمد في قوله تعالى:{ومن قتله منكم متعمداً}(المائدة: ٩٥) ليس لأجل بل للوعيد المذكور في آخر الآية المستفاد بقوله: {ليذوق وبال أمره}(المائدة: ٩٥) قال: (١٧٣ب١) والمملوك والمباح في ذلك سواء؛ لأن اسم الصدقة يتناول الكل، ولا يحل أكل الصيد الذي ذبحه المحرم؛ لأن الصيد لا يحل وقتل الصيد غير مشروع، فلا يفيد إباحة التناول، فإن أتى المحرم الجزاء، ثم أكل منه ضمن قيمة ما أكل منه عند أبي حنيفة، وعندهما لا يلزمه سوى الاستغفار شيء، وأجمعوا على أنه لو أكل منه محرم آخر، وأكل منه حلال أنه لا يلزمه شيء سوى الاستغفار.
ولو أصاب الحلال صيداً في الحل وذبحه، لا بأس للمحرم أن يأكله به ورد «الأثر عن رسول الله عليه السلام» ، هذا بيان حكم قتل الصيد.
جئنا إلى بيان حكم الجراحة، قال محمد في «الأصل» : المحرم إذا جرح صيداً إن علم بموته بعد الجراحة، وهذا ظاهر، وإن علم أنه برأ من الجراحة، فهو على وجهين:
إن لم يبق للجراحة أثر، فلا شيء عليه هكذا ذكر شيخ الإسلام في «شرحه» ، وذكر شمس الأئمة السرخسي في «شرحه» : أن هذا قول أبي حنيفة ومحمد، أما على قول أبي يوسف يلزمه صدقة باعتبار ما أوصل من الألم إلى الصيد، وهذا اختلاف نظير اختلافهم في الصيد المملوك إذا جرحه إنسان، وبرأ من الجراحة على وجه لا يبقى لها أثر.
وأما إذا بقي لها أثر ضمن النقصان عندنا، وإذا غاب عنه، ولم يعلم أنه مات بعد الجراحة أو برأ، فالقياس لا يلزمه النقصان، وفي الاستحسان يلزمه النقصان لا غير كما في الصيد المملوك؛ لأنه وقع الشك فيما زاد على النقصان، وفي الاستحسان يلزمه جميع قيمة الصيد؛ لأن ضمان الصيد يسلك مسلك العبادة حتى وجب على المعذور، والعبادة إذا وجبت من وجه دون وجه ترجح جانب الوجوب احتياطاً، بخلاف الصيد المملوك؛ لأن الواجب هناك في حق العبد، وحق العبد لا يجب مع الشك.
في «المنتقى» : بشر بن الوليد عن أبي يوسف: محرم ضرب على عين صيد، فانتصب ثم ذهب البياض، أو نتف صيد لم ينبت ريشه، فعليه طعام يتصدق به.
في «الجامع الصغير» : محرم شوى بيض صيد، فعليه الجزاء لابتدائه بالشيء، وهو أصل الصيد، فيعطى حكم الصيد احتياطاً، فيلزمه قيمته صيداً، قالوا: هذا إذا لم يكن البيض إذا كان قدر، فهو ليس بأصل الصيد، وكذلك لو كسرها، فعليه الجزاء ذكر مسألة الكسر في «الأصل» ، فإن كان فيها فرج ميتاً إن علم أنه كان ميتاً قبل الكسر فلا شيء عليه، وإن علم أنه كان حياً قبل الكسر، فعليه قيمته؛ لأنه أتلف ما هو صيد، وإن لم يعلم أنه كان حياً أو ميتاً فعليه قيمته استحساناً احتياطاً.