مبتدأة، بخلاف ما نحن فيه، وهو نظير ما لو داوى جرحه بدواء فيه طيب مراراً كان عليه كفارة واحدة ما لم يبرأ، وإذا برأ، ثم جرحت له جراحة أخرى، فداواها بالطيب كان عليه كفارة أخرى.
في «المنتقى» : إذا كان كان المحرم يحمُّ يوماً، وتتركه الحمى يوماً، قد عرف ذلك، وكان يلبس في يوم الحمى ويترك اللبس في اليوم الآخر، فعليه كفارة واحدة ما لم يذهب ذلك الحمى، وتأتيه حمى أخرى، وكذلك المحرم إذا عرض له عدو، واحتاج إلى لبس السلاح والدرع وما أشبه ذلك لمقاتلتهم، ثم تفرقوا ونزع ما عليه من السلاح، ثم عادوا فلبس ثانياً وثالثاً، فعليه في ذلك كفارة واحدة حتى يذهب العدو، ويأتيه عدو آخر، ولو لبس قميصاً يوماً أو أكثر من غير ضرورة وأراق كذلك دماً، ثم ترك القميص عليه بعد ما كفر أياماً كثيرة، فعليه كفارة أخرى.
ولو أحرم، وعليه مخيط، وتركه على نفسه يوماً أو أكثر عليه الكفارة؛ لأنه لبس مستدام، فيكون لدوامه حكم الابتداء.
ولا يغطي المحرم رأسه ولا وجهه، والمحرمة لا تغطي وجهها، وإن فعل ذلك إن كان يوماً (١٧٥أ١) إلى الليل، فعليه دم، وإن كان أقل من ذلك، فعليه صدقة، وكذلك لو غطى ربع رأسه، فصاعداً يوماً، فعليه دم وإن كان أقل من ذلك، فعليه صدقة، هكذا ذكر في المشهور، وعن محمد رحمه الله أنه قال: لا يجب الدم حتى يغطي الأكثر من الرأس، والصحيح ما ذكر في المشهور؛ لأن ما يتعلق بالرأس من الجناية، فللربع حكم الكل لما تيسر بعد هذا.
ولو حمل المحرم شيئاً على رأسه، فإن كان شيئاً من جنس ما لا يغطى به الرأس كالطست، والإجانة وعدل بر ونحوها، فلا شيء عليه، وإن كان من جنس ما يغطى به الرأس من الثياب، فعليه الجزاء؛ لأن ما لا يغطى به الرأس، فالمحرم يكون حاملاً له لا مستعملاً ألا ترى أن الأمين لو فعل ذلك لا يصير ضامناً؟
قال في «الأصل» : وإن استظل المحرم بفسطاط فلا بأس به، وكذلك إذا دخل تحت ستر الكعبة حتى غطاه والستر لا يصيب رأسه لا وجهه لا بأس به، لأن التغطية إنما تحصل بماس بدنه، وإن كان يصيب رأسه ووجهه كرهت له ذلك لمكان التغطية، وإن كان المحرم نائماً، فغطى رجل رأسه ووجهه بثوب يوماً كاملاً، فعليه دم؛ لأن فعل غيره كفعله بنفسه في حق حصول الارتفاق.
نوع منه في الجماع
حرام على المحرم بالنص قال الله:{فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج}(البقرة: ١٩٧) والرفث هو الجماع عند بعض المفسرين، وإن جامع وكان مفرداً بالحج إن كان جامع قبل الوقوف بعرفة فسد حجه، وعليه دم، تكفيه الشاة، وعليه المضي في فاسده يفعل جميع ما يفعله في الحج الصحيح، وعليه الحج من قابل، وإن كان جامع ثانياً قبل الوقوف بعرفة، فعليه شاة أخرى في قول أبي حنيفة وأبي يوسف؛ لأن الثاني من محظورات