الإحرام، وقال محمد رحمه الله: يكفيه كفارة واحدة، إلا أن يكون كفر عن الأولى، فيلزمه كفارة أخرى؛ لأن الجناية من جنس واحد، والمجني عليه واحد، فيثبت الاتحاد في الواجب كما في كفارة الصوم، فإن جامع في مجلس واحد مرتين تكفيه كفارة واحدة بلا خلاف.
وإن جامع بعد الوقوف بعرفة لا يفسد حجة، وعليه جزور، فإن جامع جماعاً آخر، فعليه شاة مع الجزور؛ لأن الجناية الثانية تقاصرت عن الجناية الأولى لتمكن النقصان لوجود الجناية الأولى، فتكفيه الشاة، فإن كان الجماع الثاني على وجه الرفض فلا دم عليه للثاني.
ذكر القدوري في «شرحه» : وإن جامع وكان مفرداً بالعمرة إن جامع قبل الطواف فسدت عمرته ومضى في فاسده، وعليه عمرة مكانها، وعليه دم تجزؤه الشاة، وإن جامع بعد الطواف لا تفسد عمرته فعليه دم تجزؤه الشاة، وكذلك إذا جامع بعد ما طاف لعمرته أربعة أشواط لا تفسد عمرته؛ لأنه أتى أكثر الطواف، وللأكثر حكم الكل.
وإن كان قارناً، وجامع قبل أن يطوف لعمرته فسدت عمرته وحجه ويمضي فيها، وعليه دمان، وعليه حجة وعمرة من قابل، وسقط عنه دم القران؛ لأن دم القران وجب شكراً على ما اتفق له من نسكين صحيحين في سفرة واحدة، ولم يتفق له نسكان صحيحان، وإن جامع بعدما طاف لعمرته قبل الوقوف فسد حجه، ولم تفسد عمرته، وعليه دمان، وعليه قضاء الحج من قابل، وسقط عنه دم القران، وكذلك إذا جامع بعدما طاف لعمرته أربعة أشواط فسد حجه ولم تفسد عمرته، وإن كان جامع بعدما وقف بعرفة لا تفسد عمرته ولا حجته، وعليه جزور لحجته وشاة لعمرته، ولزمه دم القران؛ لأنه اتفق له نسكان صحيحان في سفر واحد.
وإن كان متمتعاً، فإن لم يسق الهدي مع نفسه، فالجواب في المفرد بالعمرة، وإن ساق الهدي مع نفسه، فهو والقارن سواء، هكذا ذكر الشيخ الإمام الأجل شيخ الإسلام المعروف بخواهر زاده رحمه الله، لم يرد بهذه التسوية في حق جميع الأحكام.
ألا ترى أن القارن إذا جامع قبل أن يطوف لعمرته فسد عمرته وحجه، لأنه في إحرام الحج والعمرة جميعاً، والمتمتع قبل أن يطوف لعمرته تفسد عمرته لا غير؛ لأنه لم يصر شارعاً في إحرام الحج؟ وإنما أراد به التسوية في حق بعض الأحكام، وهو سقوط دم المتعة متى جامع قبل الطواف لعمرته، أو قبل الوقوف بعرفة، ولزوم بعده الدمين متى جامع قبل الوقوف بعرفة. فإن ساق الهدي مع نفسه لمتعة من التحلل بمتعة من التحلل بين النسكين، على ما تبين، فيبقى في إحرام العمرة كما كان، فإذا شرع في إحرام الحج، وجامع قائماً جنى على إحرامين.
والوطء في الدبر لا يفسد الحج ولا العمرة في إحدى الروايين عن أبي حنيفة رحمه الله؛ لأن معنى الوطء متقاصر، ولهذا لم يجب الحد عنده، وفي رواية أخرى يفسد؛ لأنه كامل من حيث إنه ارتفاق.