للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عند داروم (١) فأغار عليهم وقاتلهم، وأسر مقدمهم وحمله أسيرا وامتهنه/، وسمع غناء جواريه وحظاياه-وهو مقيد معه فى المجلس، وارتكب منه فواحش عظيمة، وذبحه صبرا بين يديده، فعند ذلك قال الوزير أبا القاسم لحسان: الآن قد قطعت ما بينك وبين الحاكم، ولم يبق لصلحك معه موضع، ولا لك إلى الرجوع لطاعته مكان. فقال له: وما الرأى؟ قال: هذا أبو الفتوح أمير مكة والحجاز فى بيته وفضله بمكان رفيع، تنصّبه إماما وتقوم معه على الحاكم. فأمر حسان الوزير أبا القاسم بالتوجه إلى أبى الفتوح إلى مكة. فلما وصل إليه أفسد بيته على الحاكم؛ وأطمعه فى الرياسة والملك، وحرضه على طلب الخلافة، وسهّل عليه الأمر، وضمن له الوفاء بما بعث له حسان بن مفرج من الطاعة له؛ فأصغى إلى قوله، فشكا أبو الفتوح إلى أبى القاسم قلّ ما بيده من المال، فأشار عليه الوزير أبو القاسم بأخذ ما فى خزانة الكعبة من المال، وما عليها من أطواق الذهب والفضة، وضربه دراهم ودنانير، وحسّن له ذلك. ففعل ذلك-وهى الدراهم التى يقال لها الفتحية-واتفق موت رجل بجدة يعرف بالمصوعى (٢) ومعه أموال عظيمة وودائع للهند والصين، فأوصى منها بمائة ألف لأبى الفتوح ليصون بها تركته، والودائع التى عنده، فحمله الوزير على


(١) الداروم: قلعة بعد غزة لمقاصد إلى مصر، والواقف فيها يرى البحر إلا أن بينهما مقدار فرسخ، خربها صلاح الدين الأيوبى لما ملك الساحل سنة ٥٨٤ هـ (معجم البلدان لياقوت).
(٢) كذا فى الأصول. وفى المنتظم ٧:١٦٤ «يعرف بالمطوعى».