للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يصيروا فى أيديهم وحكمهم، فرجعوا إلى هذه الطريق لطلب السلامة، فساروا إلى الرملة وقد وصل الخبر بقدومهم إليها على الظاهر العبيدى صاحب مصر فى ثانى عشر صفر سنة ست عشرة، وأنهم فى ستين ألف جمل ومائتى ألف إنسان، بكتاب بعث به إليه الأقساسى يستأذنه فيه على عبور الشام. فسرّ بذلك، وكتب إلى جميع ولاة الشام بتلقيهم، وإنزالهم وإكرامهم، وإكرام مقدمهم، وعمارة البلاد بالطعام والعلف، وإطلاق الصلات للفقهاء والقراء، وإقامة الأموال الكثيرة لحسنك صاحب يمين الدولة، والتناهى فى إكرامه وتقدّم إلى مقدم عساكر الشام بحفظهم، والمسير فى صحبتهم، وأن يتسلمهم صالح بن مرداس من دمشق ويوصلهم الرحبة، وليدفع إلى الأقساسى ألف دينار وعدة كثيرة من الثياب، وإلى حسنك مثل ذلك، وقيّد إليه فرسا بمركب ذهبا، وأعطى لكل رجل فى الصحبة جملة من المال؛ ليظهر (١) لأهل خراسان ذلك. فساروا من الرملة موقرين مجبورين شاكرين، حتى وصلوا إلى بغداد، وعرج حسنك عنها- خوفا من الإنكار عليه من دار الخلافة-إلى خراسان، وورد كثير من الحاج فى السفن من طريق الفرات، وجاء قوم على الظهر إلى أوانا (٢). واشتد ما فعله الظاهر على الخليفة القادر بالله، وأنكر عودهم إلى الشام، وتهدّد الأقساسى وصرفه عما كان إليه وقبضه،


(١) فى الأصول «إلى النظر» والمثبت عن الكامل لابن الأثير ٩/ ١٢٧.
(٢) أوانا: بلدة كثيرة البساتين والشجر نزهة من نواحى دجيل بغداد بينها وبين بغداد عشرة فراسخ من جهة تكريت (معجم البلدان لياقوت).