للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على الازدحام فى الصعود لا يسأل (١) بعضهم عن بعض، وداموا على هذا الحال إلى أن وصل الخطيب فخرجوا لاستماع الخطبة، وأغلق باب البيت، وصلى الأمير سيف الإسلام مع الأمير مكثر فى القبة الشامية (٢)، فلما انقضت الصلاة خرجا على باب الصفا، وركبا إلى أبنيته. ثم فى يوم الأربعاء عاشر رمضان خرج الأمير سيف الإسلام بجنوده إلى اليمن (٣).

وفيها نال أهل مكة الجهد وأضرّ بهم القحط، وأهلك المواشى الحرّ؛ فإنهم لم يمطروا فى الربيع ولا الخريف ولا الشتاء إلا مطرا طلاّ، غير كاف ولا شاف، فوعظ (٤) القاضى الناس وحرضهم على صيام ثلاثة أيام. ثم فى يوم الثلاثاء ثانى عشر شوال نودى بالصلاة جامعة، فاجتمع الناس كافة للاستقساء بالمسجد الحرام، وفتح البيت الشريف وأخرج مقام إبراهيم من جوف الكعبة، ووضع على عتبة باب البيت، وأخرج مصحف عثمان بن عفان، ونشر بإيزاء المقام، ثم نودى فى الناس بالصلاة جماعة، فصلى القاضى بهم خلف المقام ركعتين قرأ فى الأولى (سبح) وفى الثانية بالغاشية، ثم صعد المنبر-وقد ألصق إلى جانب الركن الشامى من الكعبة الشريفة-فخطب خطبة بليغة والى فيها الاستغفار، ووعظ الناس وذكّرهم وخشّعهم وحضّهم على التوبة والإنابة، وحوّل رداءه وحوّل الناس أرديتهم، ثم انفض الجمع. وتمادى استسقاؤه بالناس ثلاثة أيام متوالية على هذه الصفة.


(١) كذا فى ت، وفى م «بإسالة بعضهم على بعض».
(٢) كذا فى ت. وفى م «الساسية».
(٣) وانظر العقد الثمين ٥:٦٢ - ٦٤.
(٤) كذا فى ت. وفى م «فنذر».