للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مزدلفة وعرفة، فضرب قبته فى المضيق بين الجبلين بعد أن قدم بعض أصحابه، فصعد بناسه إلى رأس الجبل الذى على يسار المار إلى عرفات، فأمر جميع الناس بالصعود، واتصل صعود الناس ذلك اليوم كله والليلة كلها إلى يوم الجمعة كله، فاجتمع بعرفات من البشر مالا يحصى عدده إلا الله ﷿.

وفيها فى الثلث الأخير من ليلة الجمعة ثامن الحجة وصل أمير حاج العراق طاشتكين إلى عرفات، فى جمع لم يصل قط مثله، من أمراء العجم الخراسانيين، ومن النساء العقائل المعروفات بالخواتين ثلاث، إحداهن ابنة الأمير مسعود، والثانية أم معز الدين صاحب الموصل زوج بابك أخى نور الدين صاحب الشام، والثالثة ابنة الدقوسى صاحب أصبهان من بلاد خراسان، ومن السادات الأمراء ومن سائر الأعاجم، فضربوا أبنيتهم مما يلى الجانب الأيمن من جبل الرحمة فى استقباله الليلة، فأصبح يوم الجمعة فى عرفات جمع لا شبيه له إلا المحشر؛ زعم الكبار من مشايخ أهل مكة والمجاورين أنهم لم يعاينوا-قط-فى عرفات جمعا أحفل منه. وحج فى هذه السنة جمع كثير من السوريين واليمنيين (١).

وفيها فى يوم السبت عاشر ذى الحجة شيعت كسوة الكعبة الشريفة من محلة الأمير العراقى إلى مكة على أربعة جمال، يقدمها قاضى مكة وخطيبها العماد أبو جعفر محمد بن جعفر بن أحمد


(١) رحلة ابن جبير ص ١٥١،١٥٢.