للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لمن عارضهم فى مرادهم، وإن كان ظلما أو غيره؛ فتوحش عليهم لذلك خواطر جماعة من قوادهم. ولما عرف ذلك منهم قتادة استمالهم إليه وسألهم المساعدة على ما يرونه من الاستيلاء على مكة، وجرّأه على المسير إليها-مع ما فى نفسه-أنّ بعض الناس فزع إليه مستغيثا به فى ظلامة ظلمها بمكة، فوعده بالنصر، وتجهّز إلى مكة فى جماعة من قومه، فما شعر به أهل مكة إلا وهو بها معهم- وولاتها على ما هم عليه من الانهماك فى اللهو-فلم يكن لهم بمقاومته طاقة، فملكها دونهم. وقيل-على ما ذكر ابن محفوظ-: إنه لم يأت إليها بنفسه فى ابتداء ملكه لها، وإنما أرسل إليها ابنه حنظلة فملكها، وخرج منها مكثر بن عيسى بن فليتة إلى نخلة (١) فأقام بها إلى أن مات.

وكان قد كتب السلطان صلاح الدين إلى الأمير مكثر كتابا ينهاه فيه عن الجور، ونصّ الكتاب:-

اعلم أيها الأمير الشريف، أنه ما أزال نعمة عن أماكنها، وأبرز الهمم عن مكامنها، وأثار سهم النوائب عن كنائنها كالظّلم الذى لا يعفو الله عن فاعله، والجور الذى لا يفرق فى الإثم بين قائله


(١) فى الأصول «الحلة» والمثبت عن المرجع السابق، وانظر شفاء الغرام ٢: ١٩٨.
هذا وقد ورد أمام هذا الخبر فى هامش الأصول «انقراض دولة الهواشم بنى فليتة وأخذ قتادة مكة، وهو أول من تولى مكة من أجداد بيت الشرف».