للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العادل (١) فى الحج، فلما كان يوم النحر - بعد رمي الناس الجمرة - وقع بين الحاج العراقى وبين أهل مكة فتنة عظيمة قتل فيها الحجّاج العراقيون ونهبوا نهبا ذريعا، وكان معظم الفتنة بمنى؛ وسببها أن بعض الإسماعيلية من أهل العراق يسمّى الحشيشى (٢) وثب على رجل شريف من بنى عم قتادة يسمى هارون وكنيته أبو عزيز، وهو يشبه قتادة صاحب مكة، وظنّه إيّاه فقتله عند الجمرة. ويقال إن الذى قتله كان مع أم جلال الدين (٣)، فلما سمع قتادة ذلك قال:

ما كان المقصود إلا أنا والله لا أبقيت من الحاج العراقى أحدا. واتّهم أمير الركب بذلك؛ فجمع الأشراف والعرب والعبيد وأهل مكة وقصدوا الحاج، وصعدوا على الجبلين بمنى وهلّلوا وكبّروا، وضربوا الناس بالحجارة والنبل والمقاليع والنشاب، فقتل بعض الأعيان وخلق كثير من الفريقين، وقتل الحشيشى القاتل، ونهب من الحاج من كان فى


(١) هو العادل سيف الدين أبو بكر محمد بن نجم الدين أيوب، أخو صلاح الدين، سلطان مصر والشام والأطراف، وانظر النجوم الزاهرة ١٦٠:٦ - ٢٢٦.
(٢) وفى شفاء الغرام ٢٣٣:٢ نقلا عن ابن سعيد المغربى: أن القاتل للشريف بمنى شخص مجهول، فظن الأشراف أنه خشيش فقتله، والخشيش هو الدخيل بلغة العامة فى الحجاز. وفى العقد الثمين ٤٩:٧ «أن الأشراف قتلوا القاتل بمنى وظنوا أنه حشيشى» والحشيشى ينتسب إلى طائفة الباطنية الإسماعيلية الذين نشأوا فى قلعة الألموت.
(٣) هو جلال الدين حسن، صاحب قلعة ألموت، وكان هو وأتباعه قد تبرءوا من الباطنية، وبنوا المساجد، وأقيمت فيها الجمعة والجماعات، وصلوا التراويح فى شهر رمضان، وحجت أمه فى سنة ٦٠٨ هـ. (النجوم الزاهرة ٢٠٣:٦).