للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطواف يوم العيد والليلة واليوم الثانى، وقتل من كان من الحاج بمكة وفعل فيهم مثل ما فعل بمنى، وبات الحاج بأسوأ حال؛ من شدة الخوف من القتل والنهب، فقال ابن أبى فراس لمحمد بن ياقوت:

ارحلوا بنا إلى منزلة الحاج الشامى. فأمر الناس بالرحيل؛ فرفعوا أثقالهم على الجمال واشتغلوا بذلك، فطمع العدوّ فيهم وتمكن من النهب كيفما أراد، وكانت الجمال تؤخذ بأحمالها؛ ونهب الحاج عن آخره، ولم يسلم منه إلا القليل، والتحق من سلم بحجاج الشام، وجاء محمد بن ياقوت أمير الحاج العراقى فدخل خيمة ربيعة خاتون مستجيرا بها، ومعه خاتون أم جلال الدين، ثم رحلوا إلى الزهراء ومنعوا من دخول مكة.

فبعثت ربيعة خاتون مع ابن السلار إلى قتادة تقول له: ما ذنب الناس؟! قد قتلت القاتل وجعلت ذلك وسيلة إلى نهب المسلمين، واستحللت الدماء والأموال فى الشهر الحرام والبلد الحرام، وقد عرفت من نحن، والله لئن لم تنته لأفعلن ولأفعلن. فجاء إليه ابن السّلاّر فخوفه وهدّده، وقال: ارجع عن هذا وإلا قصدك الخليفة من العراق، ونحن من الشام. فكفّ عنهم وطلب مائة ألف دينار، فجمعوا له ثلاثين ألفا من أمير الحاج العراقى، ومن خاتون أم جلال الدين، وأقام الناس ثلاثة أيام حول خيمة ربيعة خاتون بين قتيل وجريح ومسلوب وجائع وعريان (١).


(١) وانظر شفاء الغرام ٢٣٢:٢ - ٢٣٤، والعقد الثمين ٤٧:٤ - ٤٩، ودرر الفرائد ٧٠٣، ٧٠٤.