الحاج عند خروجهم إلى العمرة من باب المسجد الحرام المعروف بباب العمرة بعد صلاة الصبح، واعترض جمل فى فم الزقاق فى آخره، وهو زقاق ضيق، فدفع منهم بعضا، وزحم الباقى الواقف، وترادف عالم لا ينحصر إلى أن دهك الناس الجمل، وأوائل الناس حوله، فخرج منهم القليل وبقى الآخرون يموج بعضهم فى بعض، فمات الجمل ومات حوله جمع كثير، ما بين رجل وامرأة؛ فقيل اثنان وثلاثون، ويقال أربعة وثلاثون، ويقال ستة وثلاثون، ويقال خمسة وأربعون، ويقال ثمانية وأربعون، وقيل اثنان وخمسون ويقال خمسة وسبعون، وقيل سبعة وسبعون، ويقال نحو الثمانين. ووجد فى موضع منفرد اثنا عشر ميتا لم يدفنهم أحد إلى آخر النهار. وأما من نقل إلى منزله وفيه الروح ومات عند أهله فكثير جدا، وبقى منهم أقوام بحشاشة الروح إلى أن مات بعيدا من الناس، ومنهم من حمل فى أول الأمر قبل أن يأتى أعوان أمير مكة، وقال بعض من خرج من تحت الموتى: عددت خمسين ميتا إلا اثنين. وتعجب أهل مكة من هذه الواقعة، وقالوا: ما سمعنا بمثل هذا فى الخروج إلى العمرة قط، وما هذه الكائنة إلا إشارة من الله تعالى تدل على جهل عظيم وقع فى الأمة ويقتضى أمرا وبيلا بلغ فى [الناس](١) الغاية وكان أبلغه [فى](١) المصريين. وفى كل شئ حكمة بالغة، وتكلم الناس فى حقهم: هل فرطوا فى أنفسهم؟ وعلى من ديتهم؛ أو دمهم هدر؟ قال مفتى مكة أبو محمد عبد الله