للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمر شخصا، وما هذا باللعب، وإن من وراء هذا لعجب، أقسم قسّ قسما بالله-لا كذبا ولا آثما-إن لله دينا هو أرضى له من دين نحن عليه. ما بال الناس يذهبون ولا يرجعون؟ أرضوا بالإقامة فأقاموا، أم تركوا فناموا؟ ثم أنشد قسّ بن ساعدة أبياتا من الشعر لم أحفظها عنه. فقال أبو بكر الصديق: أنا حضرت ذلك المقام، وحفظت تلك المقالة. فقال رسول الله : ما هى؟ فقال أبو بكر: قال قس بن ساعدة فى آخر كلامه:-

فى الذاهبين الأولي … ن من القرون لنا بصائر

لما رأيت مواردا … للموت ليس لها مصادر

ورأيت قومى نحوها … تمضى الأصاغر والأكابر

لا يرجع الماضى ولا … يبقى من الباقين غابر

أيقنت أنى لا محا … لة حيث صار القوم صائر

ويقال: إنه لما قدم وفد إياد على رسول الله قال: ما فعل قسّ بن ساعدة؟ قالوا: مات. قال: كأنى أنظر إليه بسوق عكاظ على جمل له أورق، وهو يتكلم بكلام له حلاوة ما أجدنى أحفظه. فقال رجل من القوم: أنا أحفظه، سمعته يقول: أيها الناس احفظوا وعوا، من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو آت آت، ليل داج، وسماء ذات أبراج، وبحار تزخر، ونجوم تزهر، وضوء وظلام، وبرّ وآثام، ومطعم وملبس، ومشرب ومركب، ما لى أرى الناس يذهبون فلا يرجعون!! أرضوا بالمقام فأقاموا، أم تركوا فناموا؟ وإله قسّ ما على وجه الأرض دين أفضل من دين قد أظلكم زمانه، وأدرككم أوانه، فطوبى لمن أدركه فاتبعه، وويل لمن خالفه. ثم أنشأ يقول:-