للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جمع كثير من العرب وعمل حتى النساء، إلى أن جرى الماء بمكة بين الصفا والمروة، فى ثامن عشرى جمادى الأولى من هذه السنة، وكانت مدة العمل أربعة أشهر، وكثر النفع بهذه العين وعمّ وعظم، وصرفه أهل مكة إلى مزارع الخضر. وكان جملة ما صرف عليها فى هذه العمارة مائة ألف درهم وخمسين ألف درهم. فلما فرغ بازان من عمارة العين قدم إلى مصر واجتمع بالسلطان وعرّفه خبر العين؛ فشقّ عليه ذلك وقال له على لسان النائب (١): من أذن لك فى هذا ولم لا شاورتنى؟ فقال للنائب: عرّف السلطان أن جوبان فعل ما فعل من الخير وبقى الأمر للسلطان، إن شاء يخرب أو يعمر، فهذا شيء قد فعله (٢) من فعله وخرج عنه، /والأمر إليكم: فلما بلغ قوله للسلطان سكت.

واتفق فى إجراء هذه العين قضية أذكرها لغرابتها. قال الشيخ نجم الدين خليفة بن محمود الكيلانى (٣) مباشر عمارة العين: إنه لما وصل فى الحفر إلى موضع ذكره كان الماء يفور فلا ندرى أين يذهب ولا نرى عينا ولا أثرا، ثم فى بعض الأيام خرج أحد الحفارين من تحت الحفر مصروعا لا يتكلم، فمكث كذلك طويلا فسمعناه يقول: يا مسلمين (٤)، لا يحل لكم أن تظلمونا. قلت له أنا: وبأى شيء


(١) فى الأصول «الناس» والتصويب عن السلوك للمقريزى ٢٧٤:٢/ ١.
(٢) فى الأصول «جعله» والمثبت عن المرجع السابق.
(٣) وانظر ترجمته فى العقد الثمين ٣٢٠:٤ برقم ١١٣٩.
(٤) كذا فى الأصول ولعل المؤلف التزم حكاية ما نطق به المصروع.