للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ظلمناكم؟ قال: نحن سكان هذه الأرض، ولا والله ما فيهم مسلم غيرى، وقد تركتهم ورائى مسلسلين وإلا كنتم لقيتم منهم شرا، وقد أرسلونى إليكم يقولون: لا ندعكم تمرون بهذا الماء فى أرضنا حتى تبذلوا لنا حقنا. قلت: وما حقكم؟ قال: تأخذون ثورا وتزينونه بأعظم زينة وتلبسونه وتزفونه من داخل مكة حتى تنتهوا به إلى هنا فاذبحوه، ثم اطرحوا لنا دمه وأطرافه ورأسه فى بئر عبد الصمد، وشأنكم بباقيه، وإلا فلا ندع الماء يجرى فى هذه الأرض أبدا. قلت له: نعم أفعل ذلك. وإذا بالرجل قد أفاق يمسح وجهه وعينيه ويقول: لا إله إلا الله، أين أنا؟ وقام الرجل ليس به قلبة (١).

فذهبت إلى بيتى، فلما أصبحت ونزلت أريد المسجد إذا برجل على الباب لا أعرفه، فقال لى: الحاج خليفة ها هنا؟ قلت: وما تريد به؟ قال: حاجة أقولها له. قلت: قل لى الحاجة، وأنا أبلغه إياها فإنه مشغول. قال لى: قل له إنى رأيت البارحة فى النوم ثورا عظيما قد زيّنوه بأنواع الحلى واللباس وجاءوا به يزفونه حتى مروا به على دار خليفة فوقفوه إلى أن خرج ورآه وقال نعم هو هذا، ثم أقبل به يسوقه والناس خلفه يزفونه حتى خرج من مكة، فذبحوه وألقوا رأسه وأطرافه فى بئر. قال: فتعجبت من منامه وحكيت الواقعة والمنام لأهل مكة وكبرائهم، /فاشتروا ثورا وزينوه وألبسوه وخرجنا به نزفه حتى انتهينا به إلى موضع الحفر فذبحناه وألقينا رأسه وأطرافه ودمه فى البئر التى


(١) قلبة: يقال به قلبة: أى أصيب بالقلاب وهو داء يأخذ فى القلب.
(المعجم الوسيط).