للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يطيّب خاطره ويعلمه بتغير السلطان على أخيه منجك لأمور صدرت منه اقتضت مسكه، وأنه مستمر على نيابة السلطان؛ فإن أراد العود عاد، وإن أراد الحج حجّ، فوصل الكتاب إلى بيبغاروس وقد نزل سطح العقبة، فلما قرأ الكتاب وجم وقال: كلّنا مماليك السلطان، وخلع عليه (١) وكتب جوابه بأنه ماض لأداء الحج، واشتد خوفه، ونزل من العقبة، ونزل المنزلة (٢)؛ فبلغه أن الأمير طاز والأمير بزلار ركبا للقبض عليه؛ فركب بمن معه من الأمراء والمماليك بآلة الحرب، فقام الأمير عز الدين أزدمر الكاشف (٣) بملاطفته، وأشار عليه ألا يعجل، ويكشف عن الخبر. فبعث نجابا فى الليل لذلك؛ فعاد وأخبر أن الأمير طاز مقيم بركبه، وأنه سار بهم وليس فيهم أحد لابس عدة الحرب، فقلع السلاح هو ومن معه، وتلقى طاز وسأله عما تخوف منه فأوقفه على كتاب السلطان إليه، فلم ير فيه ما يكره؛ فاطمأن ورحل كل منهما بركبه من العقبة. فأتت الأخبار من الأمراء


(١) أى على حامل كتاب السلطان إليه، وهو الأمير قردم. (السلوك للمقريزى ٨٢٥:٢/ ٣).
(٢) يعنى بالمنزلة هنا منزلة المويلحة وسيرد ذلك فيما بعد.
(٣) الكاشف: هو الذى يتولى كشف شؤون إقليم من الأقليم وتدبيرها، فيقال كاشف الجيزة أو كاشف الشرقية … الخ. والكشف من وظائف أرباب السيوف الذين لا يحضرون مجلس السلطان، والكاشف يحكم على جميع البلاد التى يتولى كشفها، وله موكب بمراسيم النيابة يحضره الأمراء، ويمد السماط ويحضره القضاة، وتقرأ القصص بين يديه. وكان يطلق عليه والى الولاة.
(صبح الأعشى ٢٤:٤، ٢٥).