الأشراف ذوى راجح - وكان له منهم قرابة - فحضر إليه غير واحد منهم، وسألهم فى إعانته بمركوب له ولمن يسافر معه، فأجابوه لقصده، وأخرجوا له ركائب إلى المعابدة، وحملوا عليها فخارا وغيره ليخفى أمرها على من يراها.
وخرج عنان من سوق الليل إلى المعابدة، ونزل عند امرأة يعرفها من أهله، فأخفته بإلباسها له ثياب النساء، وأجلسته معها ومع غيرها، ونمى الخبر إلى كبيش فأتى إلى المنزل الذى فيه عنان بالمعابدة، وسأل عنه صاحبة المنزل التى أخفته، فنالت بالقول من عنان كثيرا، وأنكرت أن يكون عندها، فصدّقها كبيش. فلما كان الليل ركب مع رجلين أو ثلاثة الرواحل التى أعدت، فوقفت بعض ركائبهم قبل وصولهم إلى وادى مرّ، وما وصل هو إلى خليص إلا وقد كلّت راحلته. فسأل بعض أهل خليص عن راحلة لبعض أصحابه بلغه أنها بخليص، فأخبر بوجودها فأخذها، ويقال إن صاحبها كان إذا فرغ من علفها يقول: ليت عنانا يخلص فينجو عليك. فكان ما تمنّاه؛ فتوصل عنان إلى ينبع (١)، فتزوّج بها وأقام عند زوجته ليلة أو أكثر، ثم توجه إلى مصر فى جمادى الأولى فى ست عشرة راحلة من بنى حسن وغيرهم، وأقبل عليه الظاهر، ووصل إلى الظاهر كتاب من أحمد بن عجلان يسأله فى ردّ عنان إليه، فكتب إليه الظاهر يقول: وأما ما ذكرت من جهة عنان فإن الله سبحانه يقول ﴿وَ إِنْ﴾