للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خارج، وتربط من أعلى الجدر فى بطنها. وكان فى بطن الكعبة عن يمين من دخلها جبّ يكون فيه ما يهدى إلى الكعبة من مال وحلية؛ كهيئة الخزانة، وكان يكون على ذلك الجبّ حيّة تحرسه، بعثها الله تعالى منذ زمن جرهم؛ وذلك أنه عدا على ذلك الجبّ قوم من جرهم فسرقوا مالها وحليتها مرّة بعد مرّة، فعث الله تعالى تلك الحيّة فحرست الكعبة وما فيها خمسمائة سنة، فلم تزل كذلك حتى بنت قريش الكعبة، وكان قرنا الكبش الذى ذبحه إبراهيم خليل الرحمن معلقين فى بطنها بالجدر تلقاء من دخلها، يخلّقان ويطيّبان إذا طيّب البيت. وكان فيها معاليق من حلية كانت تهدى للكعبة، فكانت على ذلك من أمرها.

ثم إن امرأة من قريش ذهبت تجمّر الكعبة، فطارت من مجمرتها شرارة فاحترقت كسوتها-وكانت الكسوة عليها ركاما بعضها فوق بعض-فلما احترقت الكعبة توهّنت جدرانها من كل جانب وتصدّعت، وكانت الخرف (١) والأربعة عليهم مظلّة، والسيول متواترة، ولمكّة سيول عوارم (٢)، فجاء سيل على تلك الحالة فدخل الكعبة وصدّع جدرانها. ويقال كان السّيل ينزل من أعلى الكعبة حتى يدخلها، ففزعت من ذلك قريش فزعا شديدا، وخافوا أن تنهدم، وهابّوا هدمها، وخشوا إن مسّوها أن ينزل عليهم العذاب.

وسرق من الكعبة حلية وغزال من ذهب كان عليه درّ وجوهر.


(١) الخرف: جمع خريف، والأربعة: جمع ربيع.
(٢) كذا فى م وأخبار مكة للأزرقى ١:١٦٠. وفى ت «السيول العوارم» وفى هـ «سيول العوارم».