فبينما هم على ذلك ينتظرون ويتشارون إذا أقبلت سفينة من الروم حتى إذا كانت بالشعيبة-وهى يومئذ ساحل مكّة-انكسرت، فسمعت بها قريش، فركب الوليد بن المغيرة فى نفر من قريش فاشتروا خشبها، وأعدّوه لسقف الكعبة، وأذنوا لأهلها أن يدخلوا مكة فيبيعون ما معهم من متاعهم على ألا يعشّروهم، وكانوا يعشرون من دخلها من تجّار الرّوم كما كانت الروم تعشّر من دخل منهم بلادها، فكان فى السفينة رجل رومىّ نجّار يسمى باقوم-ويقال: ورأسهم باقوم، وكان بانيا- فكلموه بأن يقدم معهم ويبنى لهم الكعبة بنيان الشام.
فلما قدموا بالخشب لمكة قالوا: لو بنينا بيت ربّنا. فأجمعوا لذلك، وتعاونوا وترافدوا فى النفقة، واختلفوا فى بنّيان مقدّم البيت، فقال أبو أمية بن المغيرة: يا معشر قريش لا تنافسوا ولا تباغضوا فيطمع فيكم غيركم، ولكن جزّئوا البيت أربعة أجزاء، ثم ربّعوا القبائل فلتكن أرباعا، ثم اقترعوا عند هبل فى بطن الكعبة على جوانبها. فطار قدح بنى عبد مناف وبنى زهرة على الوجه الذى فيه الباب وهو الشرقى، وقدح بنى عبد الدار، وبنى أسد بن عبد العزّى، وبنى عدىّ على الشق الذى يلى الحجر وهو الشق الشامى.
وطار قدح بنى سهم، وبنى جمح، وبنى عامر بن لؤى على ظهر الكعبة وهو الشق الغربى. وطار قدح بنى تيم وبنى مخزوم وقبائل من قريش ضموا معهم على الشق اليمانى الذى يلى الصفا وأجياد. وأمروا بالحجارة أن تجمع بين أجياد والضواحى (١) فكانت قريش تنقل