للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله ذو بكة الحرام، صغتها يوم صغت الشمس والقمر، وحففتها بتسعة أملاك حنفاء، لا تزول حتى يزول أخشباها، مبارك لأهلها فى اللحم والماء، يحلها لأهلها (١)، ولا يحلها أوّل من أهلها.

ولما جمعوا ما أخرجوه من النفقة قلّت النفقة على أن تبلغ بهم عمارة البيت كله، فتشاوروا فى ذلك، فأجمع رأيهم على أن يقصروا عن القواعد، ويحجروا (٢) ما يقدرون عليه من بناء البيت، ويتركوا بقيته فى الحجر، عليه جدار مدار، يطوف الناس من ورائه، ففعلوا ذلك وبنوا فى بطن الكعبة أساسا يبنون عليه من شق الحجر، وتركوا من ورائه من قفا (٣) البيت فى الحجر ستة أذرع وشبرا، فبنوا على ذلك. فلما وضعوا أيديهم فى بنائها قال أبو حذيفة بن المغيرة:

يا معشر قريش ارفعوا باب الكعبة عن الأرض، واكبسوها حتى لا تدخلها السيول، ولا ترقى إلا بسلّم، ولا يدخلها إلا من أردتم، ثم إن جاء أحد ممن تكرهون رميتم (٤) به فسقط؛ فكان نكالا لمن رآه.

ففعلوا ذلك، وبنوها بساف (٥) من حجارة وساف من خشب بين الحجارة، حتى انتهوا إلى موضع الركن فاختلفوا فى وضعة، وكثر الكلام فيه، وتنافسوا فى ذلك، فقالت بنو عبد مناف وزهرة: هو فى


(١) كذا فى م، هـ. وفى ت «يحلها أهلها» -وانظر الاكتفا ١:٢٠٨ بتقديم وتأخير فى السياق.
(٢) فى الأصول «يحجزوا». والمثبت عن أخبار مكة للأزرقى ١:١٦٣.
(٣) كذا فى الأصول. وفى المرجع السابق «من فناء».
(٤) كذا فى الأصول. وفى المرجع السابق «دفعتموه».
(٥) الساف: المدماك، أو السطر والصف. (المعجم الوسيط)