للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشق الذى وقع لنا، وقالت تيم ومخزوم: هو فى الشق الذى لنا، وقالت سائر القبائل: لم يكن الركن مما استهمنا عليه (١). وقالت كل قبيلة: نحن أحقّ بوضعه. واختلفوا حتى تواعدوا للقتال، وقرّبت بنو عبد الدار جفنة مملوءة دما وأدخلوا أيديهم فى الدم، وتعاقدوا على الموت؛ فسموا لعقة الدم (٢).

فمكثوا أربع ليال-أو خمس ليال-كذلك، ثم تشاوروا فقال أبو أميّة حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر (٣) بن مخزوم- وكان أسن قريش يومئذ-: يا قوم إنما أردنا البرّ ولم نرد الشّرّ؛ فلا تحاسدوا ولا تنافسوا، فإنكم إذا اختلفتم تشتّتت أموركم، وطمع فيكم غيركم، ولكن حكموا بينكم أوّل من يطلع عليكم من هذا الفجّ- وقيل: أول من يطلع عليكم من هذه السكة، ويقال: أول من يطلع. عليكم من باب هذا المسجد: يريد باب بنى شيبة-فقالوا:

رضينا وسلّمنا. فطلع رسول الله فكان أوّل من دخل باب بنى شيبة، فلما رأوه قالوا: هذا الأمين، قد رضينا بما قضى بيننا. فلما انتهى إليهم وأخبروه الخبر قال: هلمّوا إلىّ ثوبا. فأتى بثوب، يقال:

إنه كساء أبيض من متاع الشام للوليد بن المغيرة.

ويروى: وضع رسول الله رداءه وبسطه فى الأرض، ثم


(١) أخبار مكة للأزرقى ١:١٦٣.
(٢) سيرة النبى لابن هشام ١:١٢٧، والاكتفا ١:٢٠٨، والسيرة النبوية لابن كثير ١:٢٨٠.
(٣) فى الأصول «ابن عمرو» والتصويب عن المراجع السابقة.