للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فغتنى حتى ظننت أنه الموت. ثم أرسلنى فقال: اقرأ. فقلت: ما أقرأ. فغتنى حتى ظننت أنه الموت، ثم أرسلنى قال: اقرأ. قلت:

ماذا أقرأ؟ ما أقول ذلك إلا لأفتدى منه ألاّ يعود لى بمثل ما صنع بى، قال ﴿اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ* اِقْرَأْ وَ رَبُّكَ الْأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ﴾ (١) فقرأتها ثم انتهى فانصرف عنى، وهببت من نومى فكأنما كتب فى قلبى كتابا (٢)، ولم يكن من خلق الله أحد أبغض إلى من شاعر أو مجنون، كنت لا أطيق أنظر إليهما، فقلت: إن الأبعد-يعنى نفسه-لشاعر أو مجنون، ثم قلت لا تتحدث بهذا قريش عنى أبدا؛ لأعمدن إلى حالق من الجبل ولأطرحنّ نفسى منه فلأقتلنها فلأستريحنّ، فخرجت أريد ذلك حتى إذا كنت فى وسط من الجبل سمعت صوتا من السماء يقول: يا محمد، أنت رسول الله، وأنا جبريل.

فرفعت رأسى إلى السماء أنظر فإذا جبريل، فوقفت أنظر إليه، وشغلنى ذلك عما أريد، فوقفت وما أقدر على أن أتقدّم ولا أتأخر، وما أصرف وجهى فى ناحية من السماء إلا رأيته فيها، فما زلت واقفا لا أتقدم أمامى ولا أرجع ورائى حتى بعثت خديجة رسلها فى طلبى، حتى بلغوا [أعلى] (٣) مكة ورجعوا إليها وأنا واقف فى مكانى ذلك، فلم أزل كذلك حتى كاد النهار أن يتحول، ثم


(١) سورة العلق الآيات ١ - ٥.
(٢) سبل الهدى والرشاد ٢:٣١٢.
(٣) الإضافة عن سيرة النبى لابن هشام ١:١٥٦.