للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انصرف عنى، فانصرفت راجعا إلى أهلى حتى أتيت خديجة، فجلست إلى فخذها مفضيا (١) إليها، فقالت: يا أبا القاسم أين كنت؟ فو الله لقد بعثت رسلى فى طلبك حتى بلغوا [أعلى] (٢) مكة ورجعوا إلىّ. قال فقلت لها: إن الأبعد لشاعر أو مجنون.

فقالت: أعيذك بالله من ذلك يا أبا القاسم؛ ما كان الله ليصنع ذلك بك مع ما أعلم من صدق حديثك، وعظم أمانتك، وحسن خلقك، وصلة رحمك، وما ذاك يا ابن عم؟ لعلك رأيت شيئا أو سمعته. قلت: نعم، ثم حدثتها الذى رأيت، فقالت: أبشر يا ابن عم، واثبت له؛ فو الذى نفس خديجة بيده-أو فو الذى يحلف به- إنى لأرجو أن تكون نبىّ هذه الأمة.

ثم قامت فجمعت عليها ثيابها، ثم انطلقت إلى ورقة بن نوفل-وهو ابن عمها، وكان قد تنصّر، وقرأ الكتب، وسمع من أهل التوراة والإنجيل-فأخبرته الخبر، وقصّت عليه ما قصّ [عليها] (٣) رسول الله أنه رأى وسمع. فقال ورقة: قدّوس قدوس قدوس، والذى نفسى بيده لئن كنت صدقتينى يا خديجة لقد جاءه الناموس الأكبر الذى كان يأتى موسى، وإنه لنبى هذه الأمة، فقولى له فليثبت.


(١) كذا فى الأصول. وفى المرجع السابق «مضينا». وفى دلائل النبوة ١: ٤٠٣ «مضيفا».
(٢) الإضافة عن سيرة النبى لابن هشام ١:١٥٦.
(٣) الإضافة عن دلائل النبوة ١:٤٠٤.