للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأقام رسول الله ثلاث سنين-وقيل أربع سنين- لا يظهر دعوته إلا للمختصين به ممن يثق إليه، منهم: خديجة وعلىّ وزيد وأبو بكر، ويستتر بالنبوة عمّن لا يثق إليه، وكان أبو بكر يدعو أيضا من يثق من قومه، ممن يغشاه ويجلس إليه.

ولمّا أسلم أبو بكر أظهر إسلامه، ودعا إلى الله ورسوله، وكان رجلا مألفا لقومه محبّبا سهلا، وكان أنسب قريش لقريش، وأعلم قريش بما كان فيها من خير وشر، وكان رجلا تاجرا، ذا خلق ومعروف، وكان جلّ قومه يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمر؛ لعلمه وتجارته (١)، وحسن مجالسته. فجعل يدعو إلى الإسلام من وثق به من قومه ممن يغشاه ويجلس إليه، فأسلم على يديه الزّبير بن العوام، وعثمان بن عفّان، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن أبى وقّاص، وعبد الرحمن بن عوف. فانطلقوا حتى أتوا رسول الله ومعهم أبو بكر، فعرض عليهم الإسلام، وقرأ عليهم القرآن، وأنبأهم بحقّ الإسلام، وبما وعدهم الله من الكرامة؛ فآمنوا وأصبحوا مقرّين بحق الإسلام. فكان هؤلاء النّفر الثمانية (٢) الذين سبقوا إلى الإسلام، فصلوا وصدّقوا رسول الله ، وآمنوا بما جاء من عند الله.


(١) فى الأصول «تجاربه». والمثبت عن سيرة النبى لابن هشام ١:١٦٥، ودلائل النبوة ١:٤١٨، وعيون الأثر ١:٩٤، والسيرة النبوية لابن كثير ١:٤٣٧.
(٢) كذا فى الأصول والمراجع السابقة. وانظر الخلاف حول السابقين إلى الإسلام فى سبل الهدى والرشاد ٢:٤٠٩ - ٤٢٠.