فلم يرض السيد بركات بذلك، وقال: إن أقل ما نأخذ مائة ألف درهم، فبينما هم كذلك وإذا بالبلد قد ارتجت، والناس على صوت واحد بأن الشريف عليا والأمير والعساكر قد أقبلوا، فعند ذلك أطلق السيد بركات التجار والنواخيذ، ولبست عساكره، وخرجوا إلى ظاهر البلد ليحجزوا الماء عن العسكر، فأقاموا خارج البلد ساعة إلى قرب الظهر، فلم يكن الصياح عن حقيقة، فرجعوا ووجدوا فى أثناء الطريق الأمير سودون المحمدى قاصدا جدة متجهزا إلى القاهرة (١)، لما كان بينه وبين السيد علي بن حسن، فرده إلى جده، وأرسل الشريف رسله إلى مكة، إلى الأمير يشبك الصوفي وجماعة الأتراك، وأرسل رسله أيضا إلى خيف بني شديد، إلى الأشراف، فخرجت الأتراك من مكة ظهر يوم الأحد، وتتابعت بقية ذوي عجلان، فاجتمعت العساكر جميعها فى ليلة الاثنين بحدا، وأقاموا يوم الاثنين وساروا ليلة الثلاثاء إلى جدة، فباتوا بأطراف الحديد، ثم ساروا إلى جدة في صبح يوم الثلاثاء عشرى صفر، فاستقبلهم السيد بركات بمن معه والتقى الجمعان، فخامر من أصحاب السيد بركات الأشراف ذوو أبى نمي، والقواد ذوو حميضة، ووقع بين الفريقين حرب عظيم، كان النصر فيه
(١) وفي عقد الجمان ٢٣٥ أ «ووصلها - أى القاهرة - في يوم الاحد الثانى عشر من ربيع الآخر من السنة نفسها، وهو مجروح في مواضع من بدنه». وانظر بدائع الزهور ٢٣٥:٢، والنجوم الزاهرة ٣٥٣:١٥.