للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا علىّ، فاصنع لنا صاعا من طعام، واجعل عليه رجل شاة، واملأ لنا عسّا من لبن، ثم اجمع لى بنى عبد المطلب حتى أكلّمهم وأبلّغهم ما أمرت به. ففعلت ما أمرت به، ثم دعوتهم له، وهم يومئذ أربعون رجلا، يزيدون رجلا أو ينقصون، فيهم أعمامه: أبو طالب، وحمزة، والعباس، وأبو لهب. وفيهم عشرون يأكل كلّ واحد منهم الجذعة ويشرب الفرق، فلما اجتمعوا إليه دعانى بالطعام الذى صنعت لهم فجئت به، فلما وضعته تناول رسول الله حذيّة (١) من اللحم فنتفها بأسنانه ثم ألقاها فى نواحى الصّحفة، ثم قال: كلوا باسم الله. فأكل القوم حتى ما لهم بشئ من حاجة، وما أرى إلا موضع أيديهم، وأيّم الله الذى نفس علىّ بيده إن كان الرجل الواحد ليأكل ما قدمت لجميعهم.

ويروى أن النبى قال لهم: ادنوا. فدنا القوم عشرة عشرة، فأكلوا حتى صدروا، ثم دعا باللبن فجرع منه جرعا ثم قال:

اسق القوم. فجئتهم بذلك العسّ، فشربوا منه حتى رووا جميعا، وكأن لم ينقص منه شئ، وأيّم الله الذى نفس علىّ بيده إن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله. فلما أراد رسول الله أن يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال: سحركم صاحبكم. فتفرّق القوم ولم يكلمهم رسول الله (٢).


(١) الحذية: تصغير حذوة بضم الحاء وكسرها: وهى القطعة من اللحم. وقيل إذا كسرت الحاء كانت بمعنى أن يقطع اللحم طولا. سبل الهدى والرشاد ٢:٤٣٥.
(٢) وانظر الخصائص الكبرى ١:٣٠٩، وسبل الهدى والرشاد ٢:٤٣٤.