للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما أصبح رسول الله بعث إلى بنى عبد المطلب فحضروا، ومعهم عدة من بنى المطلب بن عبد مناف، وجميعهم خمسة وأربعون رجلا، وسارع إليه أبو لهب، وهو يظن أنه يريد أن ينزع عما يكرهون إلى ما يحبون، فلما اجتمعوا قال أبو لهب: هؤلاء عمومتك، وبنو عمومتك، فتكلم بما تريد ودع الصبأة، واعلم أنه ليس لقومك بالعرب طاقة، وإن أحق من أخذك وحبسك أسرتك وبنو أبيك إن أقمت على أمرك، فهو أيسر عليهم من أن تثب بك بطون قريش وتمدّها العرب، فما رأيت يا ابن أخى أحدا قط جاء بنى أبيه وقومه بشرّ مما جئتهم به. فسكت رسول الله ، فلم يتكلم فى ذلك المجلس بشئ، ومكث أياما، وكبر (١) عليه كلام أبى لهب، فنزل عليه جبريل ، فأمره بإمضاء ما أمره الله وشجّعه عليهم. فجمعهم ثانيا فقال: الحمد لله، أحمده وأستعينه، وأومن به وأتوكل عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.

ثم قال: إن الرائد لا يكذب أهله، لو كذبت الناس جميعا ما كذبتكم، ولو غررت الناس جميعا ما غررتكم، والله الذى لا إله إلا هو إنى لرسول الله إليكم خاصة وإلى الناس كافة، والله لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبنّ بما تعملون، ولتجزون بالإحسان إحسانا، وبالسوء سوءا، وإنها الجنّة أبدا، [أو النار أبدا] (٢) وإنكم لأوّل من أنذر. فقال أبو طالب: ما أحب إلينا


(١) كذا فى ت، م. وفى هـ وسبل الهدى والرشاد ٢:٤٣٢ «كثر».
(٢) الإضافة عن سبل الهدى والرشاد ٢:٤٣٢. وفى السيرة الحلبية ١:٤٥٩ «وإنها لجنة أبدا أو لنار أبدا».